الباحث القرآني

﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أَيَحْسَبُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهِ وَلَا يُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ﴾ . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا تَكُونُ﴾ يَا مُحَمَّدُ، ﴿فِي شَأْنٍ﴾ عَمَلٍ مِنَ الأعمال، وجمعه شُؤون، ﴿وَمَا تَتْلُو مِنْهُ﴾ مِنَ اللَّهِ، ﴿مِنْ قُرْآنٍ﴾ نَازِلٍ، وَقِيلَ: مِنْهُ أَيْ مِنَ الشَّأْنِ مِنْ قُرْآنٍ، نَزَلَ فِيهِ ثُمَّ خَاطَبَهُ وَأُمَّتَهُ فَقَالَ: ﴿وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ أَيْ: تَدْخُلُونَ وَتَخُوضُونَ فِيهِ، الْهَاءُ عَائِدَةٌ إِلَى الْعَمَلِ، وَالْإِفَاضَةُ: الدُّخُولُ فِي الْعَمَلِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: تَنْدَفِعُونَ فِيهِ. وَقِيلَ: تُكْثِرُونَ فِيهِ. وَالْإِفَاضَةُ: الدَّفْعُ بِكَثْرَةٍ. ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ﴾ يَغِيبُ عَنْ رَبِّكَ، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ "يَعْزِبُ" بِكَسْرِ الزَّايِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ. ﴿مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾ أَيْ: مِثْقَالِ ذَرَّةٍ، و"مِنْ" صِلَةٌ، وَالذَّرَّةُ هِيَ: النَّمْلَةُ الْحُمَيْرَاءُ الصَّغِيرَةُ. ﴿فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ﴾ أَيْ: مِنَ الذَّرَّةِ، ﴿وَلَا أَكْبَرَ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ: بِرَفْعِ الرَّاءِ فِيهِمَا، عَطْفًا عَلَى مَوْضِع الْمِثْقَالِ قَبْلَ دُخُولِ "مِنْ"، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِنَصْبِهِمَا، إِرَادَةً لِلْكَسْرَةِ، عَطْفًا عَلَى الذَّرَّةِ فِي الْكَسْرِ. ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذَا الِاسْمَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ وَقَالَ قَوْمٌ: هُمُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ [ابْنِ] [[من "شرح السنة" و"مصنف عبد الرزاق"، و"مسند الإمام أحمد".]] أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: "إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ لِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، قَالَ: وَفِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ أَعْرَابِيٌّ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَرَمَى بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْهُمْ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: فَرَأَيْتُ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ ﷺ الْبِشْرَ، فَقَالَ: "هُمْ عِبَادٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى وَقَبَائِلَ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ يَتَوَاصَلُونَ بِهَا، وَلَا دُنْيَا يَتَبَاذَلُونَ بِهَا، يَتَحَابُّونَ بِرَوْحِ اللَّهِ، يَجْعَلُ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ نُورًا، وَيَجْعَلُ لَهُمْ مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ قُدَّامَ الرَّحْمَنِ، يَفْزَعُ النَّاسُ وَلَا يَفْزَعُونَ، وَيَخَافُ النَّاسُ وَلَا يَخَافُونَ" [[أخرجه عبد الرزاق في المصنف: ١١ / ٢٠١-٢٠٢، والطبري: ١٥ / ١٢٢، والإمام أحمد في المسند: ٥ / ٣٤١، ٣٤٣، والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ٥٠، وذكره في المصابيح: ٣ / ٣٧٩، وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الحاكم وصححه: ٤ / ١٧٠-١٧١ وأقره الذهبي، ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان برقم (٢٥٠٨) ص (٦٢١) من موارد الظمآن. ومن حديث عمر رضي الله عنه أخرجه أبو داود، وإسحاق بن راهويه، وهناد ١ / ٥٦٤، وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، وأبو نعيم. والبيهقي في الشعب. انظر: الدر المنثور: ٤ / ٣٧٢، الكافي الشاف ص (٨٤) ، مجمع الزوائد: ١٠ / ٢٧٦-٢٧٩، الزهد للإمام هناد بن السري: ١ / ٥٦٤-٥٦٥ مع تعليق المحقق. والحديث إسناده صحيح بشواهده.]] . وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ سُئِلَ: مَنْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: الذين إذا رؤوا ذُكِرَ اللَّهُ" [[أخرجه ابن المبارك في الزهد، ص (٢٤٨-٢٤٩) .]] . وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْ عِبَادِي الَّذِينَ يُذْكَرُونَ بِذِكْرِي وأُذْكَرُ بِذِكْرِهِمْ﴾ [[أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٣ / ٤٣٠. قال الهيثمي في المجمع: ١ / ٥٨ "رواه أحمد، وفيه رشدين بن سعد، وهو ضعيف، وذكره أيضا: ١ / ٨٩ من رواية الطبراني في الكبير، وقال: "فيه رشدين، وهو ضعيف". وانظر: الدر المنثور: ٤ / ٣٧١.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب