الباحث القرآني

﴿مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ﴾ أَيْ لِلزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَكُلِّ حَقٍّ وَجَبَ فِي مَالِهِ، ﴿مُعْتَدٍ﴾ ظَالِمٍ لَا يُقِرُّ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ، ﴿مُرِيبٍ﴾ شَاكٍّ فِي التَّوْحِيدِ، وَمَعْنَاهُ: دَاخِلٌ فِي الرَّيْبِ. ﴿الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾ وَهُوَ النَّارُ. ﴿قَالَ قَرِينُهُ﴾ يَعْنِي الشَّيْطَانَ الَّذِي قُيِّضَ لِهَذَا الْكَافِرِ: ﴿رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ﴾ مَا أَضْلَلْتُهُ وَمَا أَغْوَيْتُهُ، ﴿وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ﴾ عَنِ الْحَقِّ فَيَتَبَرَّأُ عَنْهُ شَيْطَانُهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُقَاتِلٌ: "قَالَ قَرِينُهُ" يَعْنِي: الْمَلِكَ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَقُولُ الْكَافِرُ يَا رَبِّ إِنَّ الْمَلِكَ زَادَ عَلَيَّ فِي الْكِتَابَةِ، فَيَقُولُ الْمَلِكُ "رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ"، يَعْنِي مَا زِدْتُ عَلَيْهِ وَمَا كَتَبْتُ إِلَّا مَا قَالَ وَعَمِلَ [[ذكره القرطبي: ١٧ / ١٧.]] ، وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ، طَوِيلٍ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ إِلَى الْحَقِّ. ﴿قَالَ﴾ فَيَقُولُ اللَّهُ ﴿لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ﴾ فِي الْقُرْآنِ وَأَنْذَرَتْكُمْ وَحَذَّرَتْكُمْ عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ، وَقَضَيْتُ عَلَيْكُمْ مَا أَنَا قَاضٍ. ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾ لَا تَبْدِيلَ لِقَوْلِي، وَهُوَ قَوْلُهُ: "لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" [السجدة: ١٣] ، وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ: "مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ" أَيْ: لَا يُكْذَبُ عِنْدِي، وَلَا يُغَيَّرُ الْقَوْلُ عَنْ وَجْهِهِ لِأَنِّي أَعْلَمُ الْغَيْبَ. وَهَذَا قَوْلُ الْكَلْبِيِّ، وَاخْتِيَارُ الْفَرَّاءِ [[معاني القرآن: ٣ / ٧٩.]] ، لِأَنَّهُ قَالَ: "مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ" وَلَمْ يَقُلْ مَا يُبَدَّلُ قَوْلِي. ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ فَأُعَاقِبُهُمْ بِغَيْرِ جُرْمٍ. ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ﴾ قَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ "يَقُولُ" بِالْيَاءِ، أَيْ: يَقُولُ اللَّهُ، لِقَوْلِهِ: "قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا"، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنُّونِ، ﴿هَلِ امْتَلَأْتِ﴾ وَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ لَهَا مِنْ وَعْدِهِ إِيَّاهَا أَنَّهُ يَمْلَؤُهَا مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ، وَهَذَا السُّؤَالُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِتَصْدِيقِ خَبَرِهِ وَتَحْقِيقِ وَعْدِهِ، ﴿وَتَقُولُ﴾ جَهَنَّمُ، ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ قِيلَ: مَعْنَاهُ قَدِ امْتَلَأْتُ وَلَمْ يَبْقَ فِيَّ موضع لم يمتلىء، فَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَمُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ. وَقِيلَ: هَذَا اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى الِاسْتِزَادَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ السُّؤَالُ بِقَوْلِهِ: "هَلِ امْتَلَأَتِ"، قَبْلَ دُخُولِ جَمِيعِ أَهْلِهَا فِيهَا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَبَقَتْ كَلِمَتُهُ "لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" [السجدة: ١٣] ، فَلَمَّا سِيقَ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَيْهَا لَا يُلْقَى فِيهَا فَوْجٌ إِلَّا ذَهَبَ فِيهَا وَلَا يَمْلَؤُهَا شَيْءٌ، فَتَقُولُ: ألست قد ١٣٨/ب أَقْسَمْتَ لَتَمْلَأَنِّي؟ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَقُولُ: هَلِ امْتَلَأَتِ؟ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَدِ امْتَلَأْتُ فَلَيْسَ فِيَّ مَزِيدٌ [[انظر: الطبري: ٢٦ / ١٦٩، ابن كثير: ٤ / ٢٢٨.]] . أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحُمَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا [أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ] [[ما بين القوسين ساقط من "أ".]] حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ، وَيَزْوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ خَلْقًا فَيُسْكِنَهُ فُضُولَ الْجَنَّةِ" [[أخرجه البخاري في الأيمان والنذور، باب الحلف بعزة الله: ١١ / ٥٤٥، ومسلم في الجنة، باب النار يدخلها الجبارون، برقم: (٢٨٤٨) : ٤ / ٢١٨٧، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ٢٥٥-٢٥٦.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب