الباحث القرآني

وَجَوَابُ الْقَسَمِ: قَوْلُهُ: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ﴾ يَعْنِي: مُحَمَّدًا ﷺ مَا ضَلَّ عَنْ طَرِيقِ الْهُدَى ﴿وَمَا غَوَى.﴾ ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ أَيْ: بِالْهَوَى يُرِيدُ لَا يَتَكَلَّمُ بِالْبَاطِلِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا ﷺ يَقُولُ الْقُرْآنَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. ﴿إِنْ هُوَ﴾ مَا نُطْقُهُ فِي الدِّينِ، وَقِيلَ: الْقُرْآنُ ﴿إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ أَيْ: وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ يوحى إليه. ١٤٢/ب ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ جِبْرِيلُ، وَالْقُوَى جَمْعُ الْقُوَّةِ. ﴿ذُو مِرَّةٍ﴾ قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ فِي خَلْقِهِ يَعْنِي جِبْرِيلَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُو مِرَّةٍ يَعْنِي: ذُو مَنْظَرٍ حَسَنٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: ذُو خَلْقٍ طَوِيلٍ حَسَنٍ. ﴿فَاسْتَوَى﴾ يَعْنِي: جِبْرِيلَ. ﴿وَهُوَ﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا ﷺ، وَأَكْثَرُ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا أَرَادُوا الْعَطْفَ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُظْهِرُوا كِنَايَةَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَيَقُولُونَ [[في النسختين: فيقول.]] اسْتَوَى هُوَ وَفُلَانٌ، وَقَلَّمَا يَقُولُونَ: اسْتَوَى وَفُلَانٌ نَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ: "أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا" [النمل: ٦٧] عَطَفَ الْآبَاءَ عَلَى الْمُكَنَّى فِي "كُنَّا" مِنْ غَيْرِ إِظْهَارِ نَحْنُ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: اسْتَوَى جِبْرِيلُ وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ ﴿بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾ وَهُوَ أَقْصَى الدُّنْيَا عِنْدَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: "فَاسْتَوَى" يَعْنِي جِبْرِيلَ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ جِبْرِيلَ أَيْضًا أَيْ: قَامَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ، وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، وَذَلِكَ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ كَمَا كَانَ يَأْتِي النَّبِيِّينَ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُرِيَهُ نَفْسَهُ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا فَأَرَاهُ نَفْسَهُ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً فِي الْأَرْضِ وَمَرَّةً فِي السَّمَاءِ، فَأَمَّا فِي الْأَرْضِ فَفِي الْأُفُقِ الْأَعْلَى، وَالْمُرَادُ بِالْأَعْلَى جَانِبُ الْمَشْرِقِ، وَذَلِكَ أَنْ مُحَمَّدًا ﷺ كَانَ بِحِرَاءٍ فَطَلَعَ لَهُ جِبْرِيلُ مِنَ الْمَشْرِقِ فَسَدَّ الْأُفُقَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَخَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ فَضَمَّهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ وَجْهِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: "ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى" وَأَمَّا فِي السَّمَاءِ فَعِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ إِلَّا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ ﷺ [[انظر: القرطبي: ١٧ / ٨٧.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب