﴿فَكَذَّبَ﴾ بِأَنَّهُمَا مِنَ اللَّهِ ﴿وَعَصَى﴾ ﴿ثُمَّ أَدْبَرَ﴾ تَوَلَّى وَأَعْرَضَ عَنِ الْإِيمَانِ ﴿يَسْعَى﴾ يَعْمَلُ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.
﴿فَحَشَرَ﴾ فَجَمَعَ قَوْمَهُ وَجُنُودَهُ ﴿فَنَادَى﴾ لَمَّا اجْتَمَعُوا.
﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ فَلَا رَبَّ فَوْقِي. وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّ الْأَصْنَامَ أَرْبَابٌ وَأَنَا رَبُّكُمْ وَرَبُّهَا.
﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: عَاقَبَهُ اللَّهُ فَجَعَلَهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأَوْلَى، أَيْ فِي الدُّنْيَا بِالْغَرَقِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ [[انظر الطبري: ٣٠ / ٤٢.]] .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ بِالْآخِرَةِ وَالْأُولَى كَلِمَتَيْ فِرْعَوْنَ قَوْلَهُ: "مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي" [القصص: ٣٨] وَقَوْلُهُ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ وكان بينهما ١٨٤/ب أَرْبَعُونَ سَنَةً [[انظر الطبري: ٣٠ / ٤١.]] .
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الَّذِي فُعِلَ بِفِرْعَوْنَ حِينَ كَذَّبَ وَعَصَى ﴿لَعِبْرَةٌ﴾ لَعِظَةٌ ﴿لِمَنْ يَخْشَى﴾ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ خَاطَبَ مُنْكِرِي الْبَعْثِ فَقَالَ ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ﴾ يَعْنِي أَخَلْقُكُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ أَشَدُّ عِنْدَكُمْ وَفِي تَقْدِيرِكُمْ أَمِ السَّمَاءُ؟ وَهُمَا فِي قُدْرَةِ اللَّهِ وَاحِدٌ، كَقَوْلِهِ "لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ" [غافر: ٥٧] ثُمَّ وَصَفَ خَلْقَ السَّمَاءِ فَقَالَ: ﴿بَنَاهَا﴾ ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا﴾ سَقْفَهَا ﴿فَسَوَّاهَا﴾ بِلَا شُطُورٍ [وَلَا شُقُوقٍ] [[ساقط من "ب".]] وَلَا فُطُورٍ.
﴿وَأَغْطَشَ﴾ أَظْلَمَ ﴿لَيْلَهَا﴾ وَالْغَطْشُ وَالْغَبْشُ الظُّلْمَةُ ﴿وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾ أَبْرَزَ وَأَظْهَرَ نَهَارَهَا وَنُورَهَا، وَأَضَافَهُمَا إِلَى السَّمَاءِ لِأَنَّ الظُّلْمَةَ وَالنُّورَ كِلَاهُمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ.
﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ﴾ بَعْدَ خَلْقِ السَّمَاءِ ﴿دَحَاهَا﴾ بَسَطَهَا، وَالدَّحْوُ الْبَسْطُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ بِأَقْوَاتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْحُوَهَا قَبْلَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: وَالْأَرْضَ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: "عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ" [القلم: ١٣] أَيْ مَعَ ذَلِكَ.
{"ayahs_start":21,"ayahs":["فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ","ثُمَّ أَدۡبَرَ یَسۡعَىٰ","فَحَشَرَ فَنَادَىٰ","فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ","فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰۤ","إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَعِبۡرَةࣰ لِّمَن یَخۡشَىٰۤ","ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَاۤءُۚ بَنَىٰهَا","رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا","وَأَغۡطَشَ لَیۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا","وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ دَحَىٰهَاۤ"],"ayah":"فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ"}