قوله عز وجل: ﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ﴾.
يقول القائل: كيف ابتدىء الكلام بلام خافضة ليس بعدها شىء يرتفع بها؟ فالقول فى ذلك على وجهين.
قال بعضهم: [149/ب] كانت موصلة بألم تر كيف فعل ربك، وذلك أنه ذكَّر أهل مكة عظيم النعمة عليهم فيما صنع بالحبشة، ثم قال: ﴿لإِيلاَفِ قُرَيشٍ﴾ أيضاً، كأنه قال: ذلك إلى نعمته عليهم فى رحلة الشتاء والصيف، فتقول: نعمة إلى نعمة، ونعمة لنعمة سواء فى المعنى.
ويقال: إنه تبارك وتعالى عجَّب نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: اعجب يا محمد لنعم الله تبارك وتعالى على قريش فى إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، ثم قال: فلا يتشاغلُن بذلك عن اتباعك وعن الإيمان بالله. ﴿فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ﴾ و "الإيلاف" قرأ عاصم والأعمش بالياء بعد الهمزة، وقرأه بعض أهل المدينة "إلا فِهم" مقصورة فى الحرفين جميعا، وقرأ بعض القراء: (إلْفِهم). وكل صواب. ولم يختلفوا فى نصب الرحلة بإيقاع الإيلاف عليها، ولو خفضها خافض يجعل الرحلة هى الإيلاف كقولك: العجبُ لرحلتهم شتاء وصيفا. ولو نصب، إيلافَهم، أو إلفَهم على أن تجعله مصدرًا ولا تكرُّه على أول الكلام كان صوابا؛ كأنك قلت: العجب لدخولك دخولا دارَنا يكون الإيلاف وهو مضاف مثل هذا المعنى كما قال: ﴿إذا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["لِإِیلَـٰفِ قُرَیۡشٍ","إِۦلَـٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَاۤءِ وَٱلصَّیۡفِ","فَلۡیَعۡبُدُوا۟ رَبَّ هَـٰذَا ٱلۡبَیۡتِ"],"ayah":"لِإِیلَـٰفِ قُرَیۡشٍ"}