وقوله: ﴿وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ معناه: مكذوب: والعرب تقول للكذب. مكذوب وللضعف: مضعوف، وليس له عَقْد رأْى ومعقودُ رأْىٍ؛ فيجعلون المصدر فى كثير من الكلام مفعولاً. ويقولون: هذا أمر ليس له مَعْنِىّ يريدون مَعْنىً، ويقولون للجَلَد: مجلود؛ قال الشاعر: * إن أخا المجلود من صَبَرَا * وقال الآخر: حتّى إذا لم يتركوا لعظامه * لحماً ولا لفؤادهِ معقولاَ
وقال أبو ثَرْوان: إنّ بنى نُمَير ليس لحدّهم مكذوبة ومعنى قوله (بِدَمٍ كذِبٍ) أنهم قالوا ليعقوب: أكله الذئب. وقد غمسوا قميصه فى دم جَدْى. فقال: لقد كان هذا الذئب رفيقاً بابْنىِ، مزَّق جلده ولم يمزق ثيابه. قال: وقالوا: اللصوص قتلوه، قال: فلم تركوا قميصه! وإنما يريدونَ الثياب. فلذلك قيل (بِدَمٍ كَذِبٍ) ويجوز فى العربيَّة أن تقول: جاءوا على قميصه بدم كذباً؛ كما تقول: جَاءوا بأمرٍ باطل وباطلا، وحق وحقاً.
وقوله: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ مثل قوله: ﴿فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ﴾ ﴿فإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾ ولو كان: فَصَبَرا جميلاً يكون كالآمر لنفسه بالصبر لجاز. وهى فى قراءة أُبَىّ (فَصَبْرا جَمِيلاً) كذلك على النصب بالألف.
{"ayah":"وَجَاۤءُو عَلَىٰ قَمِیصِهِۦ بِدَمࣲ كَذِبࣲۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرࣰاۖ فَصَبۡرࣱ جَمِیلࣱۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ"}