وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ يعنى عَدْلا ﴿لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ﴾ يقال: إن كلّ نبىّ يأتى يوم القيامة فيقول: بلّغت، فتقول أمَّته: لا، فيكذّبون الأنبياء، (ثم يجاء بأمّة محمد صلى الله عليه وسلم فيصدِّقون الأنبياء ونبيّهم)، ثم يأتى النبىُّ صلى الله عليه وسلم فيصدّق أمَّته، فذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾، ومنه قول الله: ﴿فكيف إذا جِئنا مِن كل أمَّةٍ بِشهيدٍ [وجئنا بك على هؤلاء شهيدا]﴾.
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ أسند الإيمان إِلى الأحياء من المؤمنين، والمعنى فيمن مات من المسلمين قبل أن تحوَّل القبلة. فقالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: كيف بصلاة إخواننا الذين ماتوا على القبلة الأولى؟ فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ يريد إيمانهم لأنهم داخلون معهم فى الملَّلة، وهو كقولك للقوم: قد قتلناكم وهزمناكم، تريد: قتلنا منكم، فتواجههم بالقتل وهم أحياء.
{"ayah":"وَكَذَ ٰلِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا لِّتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَیَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَیۡكُمۡ شَهِیدࣰاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِی كُنتَ عَلَیۡهَاۤ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن یَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن یَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِیرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِینَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمَـٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ"}