وقوله: ﴿ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً﴾ معناه - والله أعلم - فضَرَب فانفجرت، فعُرِف بقوله: "فَانفَجَرَتْ" أنه قد ضَرَب، فاكتفى بالجواب؛ لأنه قد أدّى عن المعنى، فكذلك قوله: ﴿أنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ ومثله (فى الكلام) أن تقول: أنا الذى أمرتك بالتجارة فاكتسبت الأموال، فالمعنى فتَجَرت فاكتسبت.
وأما قوله: ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ﴾ فإن القائل يقول: وما حاجة القوم إلى أن يعلموا مشاربهم ونحن نرى الأنهار قد أُجريت لقوم بالمنِّ من الله والتَّفضل على عباده، ولم يقل: قد علم كل أناسٍ مشربهم، لغيرهم؟ وإنما كان ذلك - والله أعلم - لأنّه حجرٌ انفجرت منه اثنتا عشرة عينا على عدد الأسْباط لكل سِبْطٍ عين، فإذا ارتحل القومُ أو شَرِبوا ما يَكْفيهم عادَ الحجرُ كما كان وذهبت العيونُ، فإذا احتاجوا انفجرت العيونُ من تلك المواضع، فأتّى كل سِبْطٍ عَيْنَهم التى كانوا يشربون منها.
{"ayah":"۞ وَإِذِ ٱسۡتَسۡقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ فَقُلۡنَا ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡحَجَرَۖ فَٱنفَجَرَتۡ مِنۡهُ ٱثۡنَتَا عَشۡرَةَ عَیۡنࣰاۖ قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسࣲ مَّشۡرَبَهُمۡۖ كُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ مِن رِّزۡقِ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِینَ"}