وقوله: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ بطرتها: كفرتهَا وخَسِرَتْها ونَصبُكَ المعيشة من جهة قوله ﴿إلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ إنما المعنى والله أعلم - أبطرتها معيشتُها؛ كما تقول: أبطركَ مالُك وبَطِرتَه، وأسْفهك رأيُكَ فسفِهته. فذُكرت المعيشة لأن الفعل كان لها فى الأصل، فحوِّل إلى ما أضيفت إِليه. وكأنّ نصبه كنصب قوله ﴿فإنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَىءٍ مِنْهُ نَفْساً﴾ أَلاَ ترى أن الطِيب كان للنفس فلمَّا حَوَّلته إلى صاحب النفْس خرجتِ النفسُ منصوبة لتفسِّر معنى الطيب. وكذلك ﴿ضقنا به ذَْرْعاً﴾ إنما كان المعنى: ضاق به ذَرْعُنا.
وقوله: ﴿لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ معناه: خرِبت من بعدهم فلم يُعمر منها إلاّ القليل، وسائرها خراب. وأنت ترى اللفظ كَأنها سُكنت قليلاً ثم تُركت، والمعنى على ما أنبأتكَ به مثلُه: ما أعطيتكَ دراهمكَ إلاَّ قليلاً، إنما تريد: إلاّ قليلاً منها.
{"ayah":"وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡیَةِۭ بَطِرَتۡ مَعِیشَتَهَاۖ فَتِلۡكَ مَسَـٰكِنُهُمۡ لَمۡ تُسۡكَن مِّنۢ بَعۡدِهِمۡ إِلَّا قَلِیلࣰاۖ وَكُنَّا نَحۡنُ ٱلۡوَ ٰرِثِینَ"}