وقوله: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ﴾ العرب تجعل (ما) صلة فى المعرفة والنكرة واحدا.
قال الله ﴿فبِما نَقْضِهِمْ ميثاقَهُمْ﴾ والمعنى فبنقضِهِم، و ﴿عَمَّا قَليلٍ لَيُصْبِحُنّ نادِمِينَ﴾ والمعنى: عن قليل. والله أعلم. وربما جعلوه اسما وهى فى مذهب الصلة؛ فيجوز فيما بعدها الرفع على أنه صلة، والخفض على إتباع الصلة لما قبلها؛ كقول الشاعر: فكفى بنا فضلا على من غيرِنا * حبُّ النبِىّ محمدٍ إيانا وترفع (غير) إذا جعلت صلة بإضمار (هو)، وتخفض على الاتباع لمَنْ، وقال الفرزدق: إنى وإياك إن بلَّغن أرحُلَنا * كمن بِواديه بعد المَحْل ممطورِ فهذا مع النكرات، فإذا كانت الصلة معرفة آثروا الرفع، من ذلك (فَبِما نَقْضِهِمْ) لم يقرأه أحد برفع ولم نسمعه. ولو قيل جاز. وأنشدونا بيت عدىّ: لم أَرَ مثل الفتيان فى غِيَرِ الـ * أيامِ يَنْسَوْنَ ما عواقبُها والمعنى: ينسون عواقبها صلة لما. وهو مما أكرهه؛ لأن قائِله يلزمه أن يقول: ﴿أيّما الأجلان قضيت﴾ فأكرهه لذلك ولا أردّه. وقد جاء، وقد وجَّهه بعض النحويين إلى: ينسون أىُّ شىء عواقبُها، وهو جائز، والوجه الأوّل أحبّ إلىّ.
والقرّاء لا تقرأ بكل ما يجوز فى العربية، فلا يقبحنّ عندك تشنِيع مشنِّع مما لم يقرأه القرّاء مما يجوز.
{"ayah":"فَبِمَا رَحۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِیظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِینَ"}