وقوله: ﴿ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ﴾ إن شئت جعلت (ذلك) فى موضع نصب، وجعلت (أن) مما يصلح فيه الخافض فإذا حذفته كانت نصبا. يريد: فعل ذلك أن لم يكن مهلك القرى.
وإن شئت جعلت (ذلك) رفعا على الاستئناف إن لم يظهر الفعل. ومثله: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾ و ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾. ومثله: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾،و ﴿ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهُ مُوهِنُ كَيْد الْكَافِرِينَ﴾ الرفع والنصب فيه كله جائز.
وقوله: ﴿مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ يقول: لم يكن ليهلكهم بظلمهم وهم غافلون لَمَّا يأتهم رسول ولا حُجَّة. وقوله فى هود: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ يقول: لم يكن ليهلكهم بظلمهم، يقول: بشركهم (وأهلها مصلحون) يتعاطَون الحقَّ فيما بينهم. هكذا جاء التفسير. وفيها وجه - وهو أحبّ إلىّ من ذا؛ لأن الشرك أعظم الذنوب - والمعنى والله أعلم: لم يكن ليهلكهم بظلم منه وهم مصلحون.
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ أَن لَّمۡ یَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمࣲ وَأَهۡلُهَا غَـٰفِلُونَ"}