وقوله: ﴿إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ﴾.
يعنى: عائشة وحفصة، وذلك: أن عائشة قالت: يا رسول الله، أما يوم غيرى فتتمه، وأما يومى فتفعل فيه ما فعلت؟ فنزل: إن تتوبا إلى الله من تعاونكما على النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ زاغت ومالت ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ تعاونا عليه، قرأها عاصم وَالأعمش بالتخفيف، وقرأها أهل الحجاز: "تظَّاهرا" بالتشديد ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ﴾: وليه عليكما ﴿وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ مثلُ أبى بكر وعمر الذين ليس فيهم نفاق، ثم قال: ﴿وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ بعد أولئك، يريد أعوان، ولم يقل: ظهراء، ولو قال قائل: إن ظهيراً لجبريل، ولصالح المؤمنين، والملائكة ـ كان صوابا، ولكنه حسن أن يجعل الظهير للملائكة خاصة، لقوله: (والملائكة) بعد نصرة هؤلاء ظهير.
وأما قوله: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فإنه موحد فى مذهب الجميع، كما تقول: لا يأتينى إلا سائس الحرب، فمن كان ذا سياسة للحرب فقد أمر بالمجىء واحداً كان أو أكثر منه، ومثله: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾، هذا عامٌّ [201/ب] وليس بواحد ولا اثنين، وكذلك قوله: ﴿والَّلذانِ يأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهما﴾، وكذلك: ﴿إنّ الإِنْسَانَ لَفِى خُسْرٍ﴾، و ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً﴾، فى كثير من القرآن يؤدى معنى الواحد عن الجمع.
وقرأ عاصم والأعمش: "أنْ يُبْدلَهُ" بالتخفيف، وقرأ أهل الحجاز، "أن يبَدِّله" [بالتشديد] وكلٌّ صواب: أبدلت، وبدّلت.
{"ayah":"إِن تَتُوبَاۤ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدۡ صَغَتۡ قُلُوبُكُمَاۖ وَإِن تَظَـٰهَرَا عَلَیۡهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوۡلَىٰهُ وَجِبۡرِیلُ وَصَـٰلِحُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ ظَهِیرٌ"}