وقوله: ﴿فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ﴾.
معنى فذرنى ومن يكذب أى: كِلْهم إِلىّ، وأنت تقول للرجل: لو تركتك ورأيك ما أفلحت،: أى: لو وكلتك إلى رأيك لم تفلح، وكذلك قوله: ﴿ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وحِيداً﴾، و (من) فى موضع نصب، فإذا قلت: قد تُرِكتَ ورأيَك، وخُليت ورأيك نصبت الرأى؛ لأن المعنى: لو ترِكتَ إلى رأيك، فتنصب الثانى لحسن هذا المعنى فيه، ولأنّ الإسم قبله متصل بفعل.
فإذا قالت العرب: لو تركت أنت ورأيُكَ، رفعوا بقوة: أنت، إذ ظهرت غير متصلة بالفعل.
وكذلك يقولون: لو ترك عبدالله والأسدُ لأكله، فإِن كنّوا عن عبدالله، فقالوا: لو ترك والأسدَ أكله، نصبوا؛ لأن الإسم لم يظهر، فإن قالوا: لو ترك هو والأسد، آثروا الرفع فى الأسد، ويجوز فى هذا ما يجوز فى هذا إلا أن كلام [204/ا] العرب على ما أنبأتك به إلا قولَهم: قد ترك بعضُ القوم وبعض، يؤثرون فى هذا الإتباعَ؛ لأن بعضَ وبعضٌ لما اتفقتا فى المعنى والتسمية أختير فيهما الإتباع والنصب فى الثانية غير ممتنع.
{"ayah":"فَذَرۡنِی وَمَن یُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلۡحَدِیثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَیۡثُ لَا یَعۡلَمُونَ"}