وقوله: ﴿وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ﴾ اجتمع قوم على عَيب النبى صلى الله عليه وسلم؛ فيقول رجل منهم: إن هذا يبلِّغ محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيقع بنا، فـ ﴿وَيِقُولُونَ﴾: إنما ﴿هُوَ أُذُنٌ﴾ سامعة إذا أتياناه صدّقَنا، فقولوا ما شئتم. فأنزل الله عز وجل ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ﴾ أى كما تقولون، ولكنه لا يصدّقكم، إنما يصدِّق المؤمنين.
وهو قوله: ﴿يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ﴾: يصدق بالله. ﴿وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾: يصدّق المؤمنين. وهو كقوله: ﴿لِلّذينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ أى يرهبون ربهم.
وأما قوله:﴿والّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ فمتصل بما قبله. وقوله ﴿ورَحْمةٌ للّذِينَ آمَنُوا﴾ إن شئت خفضتها تتبعها لخير، وإن شئت رفعتها أتبعتها الأذن. وقد يقرأ: (قُلْ أُذُنٌ خَيْرٌ لَكُمْ) كقوله: قل أذن أفضل لكم؛ و(خَيْر) إذا خفض فليس على معنى أفضل؛ إذا خفضت (خير) فكأنك قلت: أذن صلاح لكم، وإذا قلت: (أذنٌ خير لكم)، فإنك قلت: أذن أصلح لكم. ولا تكون الرحمة إذا رفعت (خير) إلا رفعا. ولو نصبت الرحمة على غير هذا الوجه كان صوابا: (يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين، ورحمةً) يفعل ذلك. وهو كقوله: ﴿إِنا زَيّنّا السَّمَاءَ الدّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ. وَحِفْظاً﴾.
{"ayah":"وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱلنَّبِیَّ وَیَقُولُونَ هُوَ أُذُنࣱۚ قُلۡ أُذُنُ خَیۡرࣲ لَّكُمۡ یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَیُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِینَ وَرَحۡمَةࣱ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}