وقوله عز وجل: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾.
يقول القائل: كيف كذبوه فعقروها؟ ونرى أن الكلام أن يقال: فعقروها فكذبوه، فيكون التكذيب بعد العقر. وقد يكون على ما ظنّ، لأنك تقول: قتلوا رسولهم فكذبوه، أى: كفى بالقتل تكذيبا، فهذا وجه، ويكون فكذبوه كلمة مكتفى بها، ويكون قوله: ﴿فعقروها﴾ جوابا لقوله: ﴿إذ انْبَعَث أَشْقَاها﴾، فعقروها. وكذلك جاء التفسير. ويكون مقدما وَمؤخرا؛ لأن العقر وقع بالتكذيب، وإذا وقع الفعلان معا جاز تقديم أيهما شئت. من ذلك: أعطيتَ فأحْسنت، وإن قلت: أحسنت فأعطيت كان بذلك المعنى؛ لأن الإعطاء هو الإِحسان، والإحسان هو الاعطاء، كذلك العقر: هو التكذيب. فقدمتَ ما شئتَ وأخرت الآخر.
ويقول القائل: كيف قال: فكذبوه ولم يكذبوه قبل ذلك إذ رضوا بأن يكون للناقة شِربٌ ولهم شِرب فجاء فى التفسير: أنهم كانوا أقرُّوا بهذا غير مصدقين له: وقوله عز وجل: ﴿فَدَمْدَمَ﴾.
أرجف بهم. ﴿فَسَوَّاهَا﴾ عليهم.
ويقال: فسوَّاها: سوّى الأمة، أنزل العذاب بصغيرها وكبيرها بمعنى سوَّى بينهم.
{"ayah":"فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمۡدَمَ عَلَیۡهِمۡ رَبُّهُم بِذَنۢبِهِمۡ فَسَوَّىٰهَا"}