وقوله عز وجل: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾.
يقول: قد أفلحت نفس زكَّاها الله، وقد خابت نفس دسّاها، ويقال: قد أفلح من زكّى نفسَه بالطاعة والصدقة، وقد خاب من دسَّى نفسه، فأخملها بترك الصدقة والطاعة، ونرى ـ والله أعلم ـ أنّ دساها من: دسّسْت، بُدّلَت بعض سيناتها ياء، كما قالوا: تظينت من: الظن، وتقضيت يريدون: تقضضتُ من: تقضُّض البازى، وخرجت أتلعّى: ألتمس اللُّعاع أرعاه. والعرب تبدل فى المشدد الحرف منه بالياء والواو من ذلك ما ذكرنا لك، وسمعت بعض بنى عقيل ينشد: * يشبو بها نشجانه [من النشيج] * هذا آخر بيت، يريد: يَشُب: يظهر، يقال: الخمار الأسود يشب لون البيضاء فجعلها واوا، وقد سمعته فى غير ذلك، ويقال: دويّه وداويّه، ويقال: أما فلان فصالح وأيما، ومن ذلك قولهم: دينار أصله دِنّار، يدل على ذلك جمعهم إياه دنانير، ولم يقولوا: ديانير، وديوان كان أصله: دِوّان لجمعهم إياه: دواوين [139/ب]، وديباج: ديابيج، وقيراط، قراريط، كأنه كان قِرّاط، ونرى أن دسّاها دسسها؛ لأن البخيل يخفى منزله وماله، وأن الآخر يبرز منزله على الأشراف والروابى، لئلا يستتر عن الضيفان، ومن أراده، وكل صواب.
{"ayah":"قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا"}