الباحث القرآني

سورة تبت وتسمى سورة أبي لهب كما في البحر هي خمس آيات وهي مكية بلا خلاف وبه قال ابن عباس وابن الزبير وعائشة. بسم الله الرحمن الرحيم تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) (تبت يدا أبي لهب) قال مقاتل وابن عباس: خسرت، وقيل خابت، وقال عطاء: ضلت، وقيل صفرت من كل خير، ومنه قولهم شابت أم تابت أي هالكة من الهرم وقيل المعنى هلكت والأول أولى، وخص اليدين بالتباب لأن أكثر العمل يكون بهما، وقيل المراد باليدين نفسه وقد يعبر باليد عن النفس كما في قوله (بما قدمت يداك) أي نفسك، والعرب تعبر كثيراً ببعض الشيء عن كله كقولهم أصابته يد الدهر وأصابته يد المنايا. قرأ العامة لهب بفتح الهاء وقرىء بسكونها فقيل لغتان بمعنى كالنهر والنهر، والشعر والشعر. وقال الزمخشري هو من تغيير الأعلام، ولم يختلف القراء في قوله (ذات لهب) إنها بالفتح، والفرق أنها فاصلة فلو سكنت زال التشاكل. وأبو لهب اسمه عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، وذكره سبحانه بكنيته لاشتهاره بها ولكن اسمه كما تقدم عبد العزى، والعزى اسم صنم، ولكون في هذه الكنية ما يدل على أنه ملابس للنار لأن اللهب هو لهب النار، وإن كان إطلاق ذلك عليه في الأصل لكونه كان جميلاً وإن وجهه يتلهب لمزيد حسنه كما تتلهب النار. قال القرطبي أو لأن الله أراد أن يحقق نسبته بأن يدخله النار فيكون أبا لهب تحقيقاً للنسب وإمضاء للفأل والطيرة التي اختارها لنفسه، وقيل اسمه كنيته، وروى صاحب الكشاف أنه قرىء تبت يدا أبو لهب وذكر وجه ذلك. (وتب) أي هلك، قال الفراء: الأول دعاء عليه، والثاني خبر كما تقول أهلكه الله وقد هلك، والمعنى أنه قد وقع ما دعى به عليه، وتدل عليه قراءة ابن مسعود (وقد تب) وقيل كلاهما إخبار أراد بالأول هلاك عمله وبالثاني هلاك نفسه، وقيل كلاهما دعاء عليه ويكون في هذا شبه من مجيء العام بعد الخاص، وإن كان حقيقة اليدين غير مرادة. وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس قال: " لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى صعد الصفا فهتف يا صباحاه فاجتمعوا إليه فقال أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي قالوا ما جربنا عليك كذباً قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب تباً لك إنما جمعتنا لهذا، ثم قام فنزلت هذه السورة (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) [[رواه البخاري 8/ 567 ورواه مسلم 1/ 194 بمعناه. وقوله: يا صباحاه: كلمة يعتادونها عند وقوع أمر عظيم، فيقولونها ليجتمعوا ويتأهبوا له. ورواه ابن جرير الطبري 30/ 336 وأورده السيوطي في " الدر " 6/ 408 وزاد نسبته لسعيد بن منصور، وابن المنذر.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب