الباحث القرآني

(واستبقا الباب) أي تسابقا إليه وهذا كلام متصل بقوله (ولقد همت به وهم بها) الآية وما بينهما اعتراض جيء به بين المعطوفين تقريراً لنزاهته عليه السلام ووجه تسايقهما أن يوسف يريد الفرار والخروج من الباب وامرأة العزيز تريد أن تسبقه إليه لتمنعه عن الفتح والخروج ووحد الباب هنا وجمعه فيما تقدم لأن تسابقهما كان إلى الباب البراني الذي يخلص منه إلى خارج الدار قال السيوطي: بادرا إليه يوسف للفرار وهي للتشبث به فأمسكت ثوبه. (وقدّت) أي جذبت (قميصه من دبر) من ورائه فانشق إلى أسفله والقد القطع وأكثر ما يستعمل فيما كان طولاً والقط بالطاء يستعمل فيما كان عرضا قال الشهاب في الريحانة: القد والقط متقاربان معنى وهما نوعان من القطع وفيه لطيفة اتفاقية لأن القد قطع الشيء من نصفه أو قطعه نصفين والقط قطع الطرف كما في الشمع والقلم فكأنه لكونه قليلاً من القطع نقص منه للعين انتهى. وإسناد القد إليها خاصة مع أن لقوة يوسف أيضاً دخلاً فيه إما لأنها الجزء الأخير للعلة التامة وإما للإيذان بمبالغتها في منعه عن الخروج وبذل مجهودها في ذلك لفوت المحبوب أو لخوف الافتضاح. (وألفيا سيدها لدى الباب) أي وجدا العزيز هنالك وعني بالسيد الزوج لأن القبط يسمون الزوج سيداً وإنما لم يقل سيدهما لأن ملكه ليوسف لم يكن صحيحاً فلم يكن سيداً له. (قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً) من الزنا ونحوه والجملة مستأنفة كأنه قيل فما كان منهما عند أن ألفيا سيدها لدى الباب قالت هذه المقالة طلباً منها للحيلة وللستر على نفسها فنسبت ما كان منها إلى يوسف أي أي جزاء يستحقه من فعل مثل فعل هذا ثم أجابت عن استفهامها بقولها (إلا أن يسجن) أي ما جزاؤه إلا أن يسجن، ويحتمل أن تكون ما نافية أي ليس جزاؤه إلا السجن وإنما بدأت بذكر السجن لأن المحب لا يشتهي إيلام المحبوب، وإنما أرادت أن يسجن عندها يوماً أو يومين ولم ترد السجن الطويل. قال الخازن: وهذه لطيفة فافهمها، وقال ابن الخطيب: وأما الحبس الدائم فإنه لا يعبر عنه بهذه العبارة بل يقال يجب أن يجعل من المسجونين كما قال فرعون لأجعلنك من المسجونين ذكره الكرخي (أو عذاب أليم) قيل هو الضرب بالسياط والظاهر أنه ما يصدق عليه العذاب الأليم من ضرب أو غيره وفي الإبهام للعذاب زيادة تهويل لشأن الجزاء المذكور بكونه قانوناً مطرداً في حق كل أحد كائناً من كان. وفي ذكر نفسها بعنوان أهلية العزيز إعظام للخطب وإغراء له على تحقيق ما تتوخاه بحكم الغضب والحمية قاله أبو السعود، ولم تقل أن يوسف يجب أن يقابل بأحد هذين الأمرين بل ذكرت ذلك ذكراً كلياً صوناً للمحبوب عن الذكر الشر. فلما سمع يوسف مقالتها أراد أن يبرهن عن نفسه
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب