الباحث القرآني

(ذرهم يأكلوا ويتمتعوا) هذا تهديد لهم أي خل هؤلاء الكفرة ودعهم عما أنت بصدده من الأمر لهم والنهي فهم لا يرعوون أبداً ولا يخرجون من باطل: ولا يدخلون في حق بل مرهم بما هم فيه من الاشتغال بالأكل والتمتع بزهرة الحياة الدنيا من إلهاء العمل لهم عن اتباعك فإنهم كالأنعام التي لا تهتم إلا بذلك ولا تشتغل بغيره وهذا الأمر لا يستعمل له ماض إلا قليلا استغناء عنه بترك بل يستعمل منه المضارع نحو ونذرهم في طغيانهم، ومن مجيء الماضي قوله صلى الله عليه وسلم: " ذروا الحبشة ما وذرتكم " وترك ووذر يكونان بمعنى صير أي ذرهم مهملين أي أترك كفار مكة والعموم أولى. (ويلههم الأمل) أي يشغلهم طول الأمل والعمر وبلوغ الوطر واستقامة الحال عن الإيمان والأخذ بطاعة الله تعالى، يقال ألهاه كذا أي شغله ولهى هو عن الشيء يلهي والمعنى يشغلهم الأمل عن اتباع الحق، وما زالوا في الآمال الفارغة والتمنيات الباطلة حتى أسفر الصبح لذى عينين وانكشف الأمر، ورأوا العذاب يوم القيامة فعند ذلك يذوقون ما صنعوا وأكثر ما يستعمل الأمل فيما يستبعد حصوله والأفعال الثلاثة مجزومة على أنها جواب الأمر، وهذه الآية منسوخة بآية السيف. (فسوف يعلمون) عاقبة أمرهم وسوء صنيعهم، وفيه من التهديد والزجر ما لا يقادر قدره وفيه تنبيه على أن إيثار التلذذ والتنعم وما يؤدي إليه طول الأمل ليس من أخلاق المؤمنين، قال بعض أهل العلم ذرهم تهديد، وفسوف يعلمون تهديد آخر فمتى يهنأ العيش بين تهديدين. قال عليّ بن أبي طالب: إنما أخشى عليكم اثنتين طول الأمل واتباع الهوى فإن الأول ينسي الآخرة والثاني يصد عن الحق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب