الباحث القرآني

(ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم) قال أكثر المفسرين: الضمير للشركاء؛ والمعنى أنهم لو كانوا شركاء لي في خلقهما وفي خلق أنفسهم لكانوا مشاهدين خلق ذلك مشاركين لي فيه ولكنهم لم يشاهدوا ذلك ولا أشهدتهم إياه أنا فليسوا لي بشركاء وهذا استدلال بانتفاء اللازم المساوي على انتفاء الملزوم. وقيل الضمير للمشركين الذين التمسوا طرد فقراء المؤمنين والمراد أنهم ما كانوا شركاء لي في تدبير العالم بدليل أني ما أشهدتهم خلق ذلك، وقيل المعنى أن هؤلاء الظالمين جاهلون بما جرى به القلم في الأزل لأنهم لم يكونوا مشاهدين خلق العالم فكيف يمكنهم أن يحكموا بحسن حالهم عند الله، وقيل ما أشهدت الملائكة فكيف يعبدونهم، وقيل جميع الخلائق والأول من هذه الوجوه أولى لما يلزم في الوجهين الأخرين من تفكيك الضميرين وهذه الجملة مستأنفة لبيان عدم استحقاقهم للاتخاذ المذكور. وقرئ ما أشهدناهم، ويؤيد الأولى (وما كنت متخذ المضلين عضداً) أي ما اعتضدت بهم بل هم كسائر الخلق، وفيه وضع الظاهر موضع المضمر إذ المراد بالمضلين من انتفى عنهم إشهاد خلق السماوات والأرض، والعضد يستعمل كثيراً في معنى العون، وذلك أن العضد قوام اليد ومنه قوله سنشد عضدك بأخيك أي سنعينك ونقويك به، ويقال لم عضدت بفلان إذا استعنت به وذكر العضد على جهة المثل وأصله العضو الذي هو من المرفق إلى الكتف ففي الكلام استعارة. وخص المضلين بالذكر لزيادة الذم والتوبيخ والمعنى ما استعنت بهم على خلقهما ولا شاورتهم وما كنت متخذ الشياطين أو الكافرين أعواناً، ووحد العضد لموافقة الفواصل. وقرئ ما كنت على أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أي ما كنت يا محمد متخذاً لهم عضداً ولا صح لك ذلك، وفي عضد لغات أفصحها فتح العين وضم الضاد وبها قرأ الجمهور. ثم عاد سبحانه إلى ترهيبهم بأحوال القيامة فقال
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب