الباحث القرآني

(فخلف) أي وجد وحدث (من بعدهم) أي من بعد النبيين المذكورين (خلف) أي عقب سوء. قال أهل اللغة: يقال لعقب الخير والصدق خلف بفتح اللام، ولعقب الشر والسوء خلف بسكون اللام، وقد قدمنا الكلام على هذا في آخر الأعراف. (أضاعوا الصلاة) أي أخروها عن وقتها، قاله الأكثر، وهو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر ولا العصر حتى يأتي المغرب، وقيل أضاعوا الوقت، وقيل كفروا بها وجحدوا وجوبها، وقيل لم يأتوا بها على الوجه المشروع. وقيل تركوها كاليهود والنصارى، والظاهر أن من أخر الصلاة عن وقتها أو ترك فرضاً من فروضها أو شرطاً من شروطها أو ركناً من أركانها فقد أضاعها، ويدخل تحت الإضاعة من تركها بالمرة أو جحدها دخولاً أولياً. واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية، فقيل في اليهود وقيل في النصارى وقيل في قوم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يأتون في آخر الزمان. وقال بالأولين السدي. وقال بالثالث مجاهد، ولفظه هم من هذه الأمة يتراكبون في الطرق كما تراكب الأنعام لا يستحيون من الناس ولا يخافون من الله في السماء، وعن ابن مسعود قال: ليس إضاعتها تركها، قد يضيع الإنسان الشيء ولا يتركه. ولكن إضاعتها إذا لم يصلها لوقتها. (واتبعوا الشهوات) أي فعلوا ما تشتهيه أنفسهم وترغب إليه من المحرمات كشرب الخمر والزنا (فسوف يلقون غياً) هو الشر عند أهل اللغة كما أن الخير هو الرشاد. والمعنى أنهم سيلقون شراً لا خيراً. وقيل الغي الضلال. وقيل الخيبة وقيل الخسران وقيل الهلاك وقيل العذاب وقيل هو اسم واد في جهنم تستعيذ من حره أوديتها أعد للزناة وشربة الخمر وشهاد الزور وأكلة الربا والعاقين لوالديهم. وقيل في الكلام حذف. والتقدير سيلقون جزاء الغي. قاله الزجاج. ومثله قوله سبحانه: يلق أثاماً. أي جزاء أثام. أخرج أحمد وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي وغيرهم، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلا هذه الآية قال: " يكون خلف من بعد ستين سنة؛ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غياً، ثم يكون خلف يقرأون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة؛ مؤمن ومنافق وفاجر " [[المستدرك كتاب التفسير 2/ 374.]]. وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللبن " قلت: يا رسول الله ما أهل الكتاب؟ قال " قوم يتعلمون الكتاب يجادلون به الذين آمنوا "، قلت: ما أهل اللبن؟ قال " قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات " [[المستدرك كتاب التفسير 2/ 374.]]. وعن عائشة أنها كانت ترسل بالصدقة لأهل الصدقة وتقول: لا تعطوا منها بربرياً، ولا بربرية، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " هم الخلف الذين قال الله فخلف من بعدهم خلف " [[المستدرك كتاب التفسير 2/ 244.]]، أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه. وعن ابن مسعود قال: الغي نهر أو واد في جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات، وقد قال بأنه واد في جهنم، البراء بن عازب، وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أن صخرة زنة عشر أواق قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفاً، ثم ينتهي إلى غي، وأثام "؛ قلت: وما غي؟ وأثام؟ قال " نهران في أسفل جهنم يسيل فيهما صديد أهل النار، وهما اللذان ذكر الله في كتابه فسوف يلقون غياً "، ومن يفعل ذلك يلق أثاماً. وأخرج ابن مردويه؛ عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " الغي واد في جهنم ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب