الباحث القرآني

(ثم ننجي الذين اتقوا) " الآية [[المستدرك كتاب الأحوال 4/ 587.]]. وأسنده أبو عمرو في كتاب التمهيد. وعلى هذا فالورود الدخول؛ وهو قول ابن عباس وخالد بن معدان وابن جريج وغيرهم. وفي الحديث فتقول النار للمؤمنين: جُزْ يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي وعن مجاهد قال: خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس فقال: الورود الدخول وقال نافع: لا، فقرأ ابن عباس: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) وقال أورود أم لا؟ وقرأ (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار)، ورود أم لا؟ أما أنا وأنت فسندخلها، فانظر هل نخرج منها أم لا؟ وقرأ ابن مسعود " وإن منكم إلا داخلها " مكان " واردها " وعنه قال ورودها الصراط وقال رجل من الصحابة لآخر: أيقنت بالورود. قال نعم، قال وأيقنت بالصدور قال لا، قال ففيم الضحك وفيم التثاقل. وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححه والبيهقي وغيرهم عن ابن مسعود في الآية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرد الناس كلهم النار ثم يصدرون منها بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق، ثم كالريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب المجد في رحله، ثم كشد الرجل في مشية " [[المستدرك كتاب الأهوال 4/ 586.]] وقد روى نحوه عنه من طريق، وهو في مسند الدارمي أيضاً. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " (وإن منكم إلا واردها) يقول مجتاز فيها ". وأخرج مسلم وغيره عن أم مبشر قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية ". قالت حفصة أليس الله يقول: (وإن منكم إلا واردها) قال " ألم تسمعيه يقول (ثم ننجي الذين اتقوا) ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم؛ ثم قرأ سفيان (وإن منكم إلا واردها) " [[مسلم 2632 - البخاري 671.]]. وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى والطبراني عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من جهس من وراء المسلمين في سبيل الله متطوعاً لا يأخذه سلطان لم ير النار بعينيه إلا تحلة القسم، فإن الله يقول: (وإن منكم إلا واردها) " والأحاديث في تفسير هذه الآية كثيرة جداً. وأما فائدة دخول المؤمنين النار، إذا لم يكن عذاب فَبوُجُوه. أحدها أن ذلك مما يزيدهم سروراً إذا علموا الخلاص منه؛ وثانيها أنَّ فيه مزيد همّ على أهل النار حيث يرون المؤمنين يتخلصون منها وهم باقون فيها، وثالثها أنهم إذا شاهدوا ذلك العذاب على الكفار صار ذلك سبباً لمزيد التذاذهم بنعيم الجنة، ولا نقول صريحاً إن الأنبياء يدخلون النار أدباً معهم، ولكن نقول إن الخلق جميعاً يردونها كما دلت عليه أحاديث الباب، فالعصاة يدخلونها بجرائمهم، والأولياء والسعداء يدخلونها لشفاعتهم، فبين الداخلين بَوْنٌ. (كان على ربك حتماً مقضياً) أي كان ورودهم المذكور أمراً محتوماً لازماً قد قضى سبحانه أنه لا بد من وقوعه لا محالة بمقتضى حكمته لا بإيجاب غيره عليه قال مجاهد: مقضياً قضاء من الله. وقال عكرمة: قسماً واجباً. قالت الأشاعرة: إن هذا مشبه بالواجب من جهة استحالة تطرق الخلف إليه. وقد استدلت المعتزلة بهذه الآية على أن العقاب واجب على الله، وأن صاحب الكبيرة مخلد، والفاسق مخلد في النار، بدليل أن الله بين أن الكل يردونها، ثم لين صفة من ينجو، وهم المتقون، والفاسق لا يكون متقياً فبقي في النار أبداً. وأجيب عن ذلك بأن المتقي هو الذي يتقي الشرك، فصاحب الكبيرة متق، فوجب أن يخرج من النار بعموم قوله: (ثم ننجي الذين اتقوا) فالآية التي توهموها دليلا لهم هي من أقوى الدلائل على فساد قولهم، وهذا من حيث البحث وأما من حيث النص فقد وردت أحاديث تدل على إخراج المؤمن الموحد من النار وهي معروفة. ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) (ثم ننجي) أي نخرج (الذين اتقوا) ما يوجب النار وهو الكفر بالله ومعاصيه وترك ما شرعه؛ وما أوجب العمل به من النار فلا يخلدون بعد أن أدخلوها قرئ ننجي بالتخفيف من أنجى؛ وقرئ بالتشديد وهما سبعيتان (ونذر) أي نترك (الظالمين) الذين ظلموا أنفسهم بفعل ما يوجب النار، أو ظلموا غيرهم بمظلمة في النفس أو المال أو العرض (فيها) أي في النار (جثياً) على الركب جمع جاث، وقد تقدم قريباً. قال ابن عباس جثياً باقين فيها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب