الباحث القرآني

وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) (وأنفقوا في سبيل الله) في هذه الآية الأمر بالإنفاق في سبيل الله وهو الجهاد بالمال، واللفظ يتناول غيره مما يصدق عليه أنه من سبيل الله، والإنفاق هو صرف المال في وجوه المصالح الدينية كالإنفاق في الحج والعمرة وصلة الرحم والصدقة وتجهيز الغزاة وعلى النفس والعيال وغير ذلك مما فيه قربة الله تعالى، لأن كل ذلك يصدق عليه أنه في سبيل الله، ولكن إطلاق هذا اللفظ ينصرف إلى الجهاد. عن خزيم بن فانك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من أنفق نفقة في سبيل الله كتب الله له سبعمائة ضعف " أخرجه الترمذي والنسائي [[صحيح الجامع الصغير 5986.]]. (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) الباء زائدة ومثله (ألم يعلم بأن الله يرى) وقال المبرد: أي بأنفسكم تعبير بالبعض عن الكل كقوله (بما كسبت أيديكم) وقيل هذا مثل مضروب يقال فلان ألقى بيده في أمر كذا إذا استسلم لأن المستسلم في القتال يلقي سلاحه بيديه فكذلك فعل كل عاجز في أي فعل كان. وقال قوم: التقدير ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم، وعبر بالأيدي عن الأنفس، لأن بها البطش والحركة، والتهلكة مصدر من هلك يهلك هلاكاً، وهلكاً وتهلكة أي لا تأخذوا فيما يهلككم، قال اليزيدي: التهلكة من نوادر المصادر ليست مما يجري على القياس. وللسلف في معنى الآية أقوال، قال حذيفة: نزلت في النفقة أي تركها في سبيل الله مخافة العيلة، وروي نحوه عن ابن عباس وعكرمة والحسن، وقال الحسن: هو البخل، وقال زيد بن أسلم: هو أن يهلك رجل من الجوع والعطش ومن المشي في البعث. وقال أبو أيوب: كانت التهلكة الإقامة في الأموال وإصلاحها وترك الغزو، وقال البراء بن عازب: هو الرجل يذنب الذنب فيلقي بيديه فيقول لا يغفر الله لي أبداً، وروي عن النعمان بن بشير نحوه. وقيل أنه القنوط وقيل عذاب الله، وقيل غير ذلك. والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل ما يصدق عليه أنه تهلكة في الدين أو الدنيا فهو داخل في هذا، وبه قال ابن جرير الطبري. ومن جملة ما يدخل تحت الآية أن يقتحم الرجل في الحرب فيحمل على الجيش مع عدم قدرته على التخلص وعدم تأثيره لأثر ينفع المجاهدين. ولا يمنع من دخول هذا تحت الآية إنكار من أنكره من الذين رووا السبب، فإنهم ظنوا أن الآية لا تجاوز سببها، وهو ظن تدفعه لغة العرب. (وأحسنوا) أي في الإنفاق في الطاعة أو الظن بالله في إخلافه عليكم وقال رجل من الصحابة معناه أدوا الفرائض، وقيل لا تقتروا ولا تسرفوا (إن الله يحب المحسنين) المنفقين في سبيله الظانين به حسناً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب