الباحث القرآني

لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) فيه الترخيص لمن حج في التجارة ونحوها من الأعمال التي يحصل بها شيء من الرزق، وهو المراد بالفضل هنا، ومنه قوله تعالى (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) أي لا إثم عليكم في أن تبتغوا في مواسم الحج رزقاً ونفعاً وهو الربح في التجارة مع سفركم لتأدية ما افترضه عليكم من الحج، نزل رداً لكراهتهم ذلك. والحق أن الإذن في هذه التجارة جار مجرى الرخص وتركها أولى لقوله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) والإخلاص هو أن لا يكون له حامل على الفعل سوى كونه عبادة. (فإذا أفضتم من عرفات) يقال فاض الإناء إذا امتلأ ماء حتى ينصب من نواحيه، ورجل فياض أي مندفعة يده بالعطاء، ومعناه أفضتهم أنفسكم، فترك ذكر المفعول كما ترك في قولهم دفعوا من موضع كذا، وعرفات اسم لتلك البقعة كأذرعات أي موضع الوقوف، وعرفة اسم اليوم وسميت عرفات لأن الناس يتعارفون فيها، وقيل لأن آدم التقى هو وحواء فيها فتعارفا، وقيل غير ذلك. قال ابن عطية: والظاهر أنه اسم مرتجل كسائر أسماء البقاع إلا على القول بأن أصله جمع، واستدل بالآية على وجوب الوقوف بعرفة لأن الإفاضة لا تكون إلا بعده ولا يتم الحج إلا به، ووقت الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس، فإذا غربت دفع منها وأخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء بمزدلفة. (فاذكروا الله) المراد بذكر الله هنا دعاؤه ومنه التلبية والتكبير أي اذكروه لذاته من غير ملاحظة نعمه، لأنه تعالى يستحق الحمد من حيث ذاته ومن حيث إنعامه على خلقه، فحصلت المغايرة بين هذا وقوله (واذكروه كما هداكم) وقيل المراد بالذكر صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة جمعاً، وقد أجمع أهل العلم على أن السنة أن يجمع الحاج بينهما فيها. (عند المشعر الحرام) سمى مشعراً من الشعار وهو العلامة، والدعاء عنده من شعائر الحج ووصف بالحرام لحرمته من التحريم وهو المنع، فهو ممنوع من أن يفعل فيه ما لم يؤذن فيه، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم وقف به يذكر الله ويدعو حتى أسفر جداً، رواه مسلم أي دخل في السفر بفتحتين وهو بياض النهار، قاله الشوبري، والمشعر هو جبل قزح الذي يقف عليه الإمام، وقيل هو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى وادى محسر. (واذكروه) ذكراً حسناً (كما هداكم) هداية حسنة، وكرر الأمر بالذكر تأكيداً، وقيل الأول أمر بالذكر عند المشعر الحرام، والثاني أمر بالذكر على حكم الإخلاص، وقيل المراد بالثاني تعديد النعمة عليهم والكاف للتعليل. (وإن كنتم من قبله لمن الضالين) الضمير في قبله عائد إلى الهدى، وقيل إلى القرآن، وقيل إلى الرسول، والضالين الجاهلين بالإيمان والطاعة قاله الخطيب، وقيل جاهلين لا تعرفون كيف تذكرونه وتعبدونه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب