الباحث القرآني

وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) (وقال لهم نبيهم) شروع في تفصيل ما جرى بينهم وبين نبيهم من الأقوال والأفعال (إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً) وهو اسم أعجمي وكان سقّاءً، وقيل راعياً، وقيل دباغاً، وقيل مكارياً واسمه بالعبرانية شاول ابن قيس وجعله فعلوتاً من الطول تعسف يدفعه منع صرفه. (قالوا أنى يكون له الملك علينا) أي كيف يكون ذلك وكيف يستحقه ولم يكن من بيت الملك (ونحن أحق بالملك منه) وإنما قالوا ذلك لأنه كان في بني إسرائيل سبطان سبط نبوة وسبط مملكة فسبط النبوة سبط لاوى ابن يعقوب، ومنه كان موسى وهرون عليهما السلام، وسبط المملكة سبط يهوذا بن يعقوب ومنه كان داود وسليمان عليهما السلام، ولم يكن طالوت من أحدهما، وإنما كان من سبط بنيامين بن يعقوب عليه السلام، فلهذا أنكروا كونه ملكاً لهم وزعموا أنهم أحق بالملك منه. ثم أكدوا ذلك بقولهم (ولم يؤت سعة من المال) أي ولا هو ممن أوتي سعة من المال حتى نتبعه لشرفه أو لماله بل هو فقير، والملك يحتاج إلى المال (قال) يعني شمويل النبي (إن الله اصطفاه عليكم) أي اختاره وخصه بالملك واختيار الله هو الحجة القاطعة. ثم بين لهم مع ذلك وجه الاصطفاء وقال (وزاده بسطة) أي فضيلة وسعة (في العلم) الذي هو ملاك الإنسان ورأس الفضائل وأعظم وجوه الترجيح، وكان من أعلم بني إسرائيل وقيل هو العلم بالحرب وبالملك، وقيل به وبالديانات (والجسم) الذي يظهر به الأثر في الحروب ونحوها فكان قوياً في دينه وبدنه، وذلك هو المعتبر لأشرف النسب، فإن فضائل النفس مقدمة عليه [[قال ابن عباس: كان طالوت أعلم بني إسرائيل بالحرب، وكان يفوق الناس بمنكبيه وعنقه ورأسه. وهل كانت هذه الزيادة قبل الملك، أم أحدثت له بعد الملك؟ فيه قولان. أحدهما: قبل الملك، قاله وهب، والسدي. والثاني: بعد الملك، قاله ابن زيد. والمراد بتعظيم الجسم، فضل القوة، إذ العادة أن من كان أعظم جسماً، كان أكثر قوة والواسع: الغني. ذكر أهل التفسير أن نبي بني إسرائيل سأل الله أن يبعث لهم ملكاً، فأتى بعصا وقرن فيه دهن، وقيل له: إن صاحبكم الذي يكون ملكاً يكون طوله طول هذه العصا، ومتى دخل عليك رجل، فنشق الدهن، فهو الملك، فادهن به رأسه، وملكه على بني إسرائيل، فقاس القوم أنفسهم بالعصا، فلم يكونوا على مقدارها. قال عكرمة، والسدي: كان طالوت سقاءً يسقي على حمار له، فضلّ حماره، فخرج يطلبه. وقال وهب: بل كان دباغاً يعمل الأدم، فضلت خمرٌ لأبيه، فأرسل مع غلام له في طلبها، فمر ببيت شمويل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخلا ليسألاه عن ضالتهما، فنشق الدهن، فقام شمويل، فقاس طالوت بالعصا، وكان على مقدارها، فدهنه، ثم قال له: أنت ملك بني إسرائيل، فقال طالوت: أما علمت أن وسطي أدنى أسباط بني إسرائيل، وبيتي أدنى بيوتهم؟ قال: بلى. قال: فبأية آية؟ قال: بآية أنك ترجع وقد وجد أبوك حمره، فكان كما قال.]]. وفي هذه الآية دليل على بطلان قول من زعم من الشيعة أن الأمامة موروثة، وكان طالوت أطول من الناس برأسه ومنكبيه، وقيل بالجمال وكان من أجملهم، وقيل المراد به القوة لأن العلم بالحروب والقوة على الأعداء مما فيه حفظ المملكة. (والله يؤتي ملكه من يشاء) فالملك ملكه والعبيد عبيده، فما لكم والأعتراض على شيء ليس هو لكم ولا أمره إليكم. وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن قوله هذا من قول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل هو من قول نبيهم وهو الظاهر، وقيل من كلام الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم - (والله واسع) أي واسع الفضل يوسع على من يشاء من عباده (عليم) بمن يستحق الملك ويصلح له.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب