الباحث القرآني

(ومنهم أميون) أي ومن اليهود، والأمي منسوب إلى الأمة الأميّة التي هي على أصل ولادتها من أمهاتها لم تتعلم الكتابة ولا تحسن القراءة للمكتوب، ومنه حديث إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، وقال أبو عبيدة إنما قيل لهم أميون لنزول الكتاب عليهم كأنهم نسبوا إلى أم الكتاب فكأنه قال ومنهم أهل كتاب، وقيل هم نصارى العرب وقيل هم قوم كانوا أهل كتاب فرفع كتابهم لذنوب ارتكبوها، وقيل هم المجوس حكاه المهدوي وقيل غير ذلك والراجح الأول، وقيل أميون أي عوام ومن هذا شأنه لا يطمع في إيمانه. (لا يعلمون الكتاب إلا أماني) أي أنهم لا علم لهم به إلا ما هم عليه من الأماني التي يتمنونها ويعللون بها أنفسهم، والأماني جمع أمنية وهي ما يتمناه الإنسان لنفسه، فهؤلاء لا علم لهم بالكتاب الذي هو التوراة لما هم عليه من كونهم لا يكتبون ولا يقرؤون المكتوب، والاستثناء منقطع أي لكن الأماني ثابتة لهم من كونهم مغفوراً لهم بما يدعونه لأنفسهم من الأعمال الصالحة أو بما لهم من السلف الصالح في اعتقادهم، وقيل الأماني الأكاذيب المختلفة، قاله ابن عباس أي ولكن يعتقدون أكاذيب اخذوها تقليداً من المحرفين أو مواعيد فارغة سمعوها منهم من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هوداً، وقيل الأماني التلاوة، ومنه قوله تعالى (إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) أي إذا تلى ألقى الشيطان في تلاوته أي لا علم لهم إلا مجرد التلاوة من دون تفهم وتدبر، وقراءة عارية عن معرفة المعنى، وقيل الأماني التقدير، قال الجوهري يقال مني له أي قدر، قال في الكشاف والاشتقاق من منى إذا قدر لأن المتمني يقدر في نفسه ويحرز ما يتمناه، وكذلك المختلق والقاريء يقدران كلمة كذا بعد كذا انتهى، وقيل هو من التمني وهو قولهم (لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة) وغير ذلك مما تمنوه، والمعنى لكن يتمنون أشياء لا تحصل لهم [[ويؤيد هذا ما رواه مقاتل: كان المسلم يلقى حليفه أو أخاه من الرضاعة من اليهود. فيسأله: أتجدون محمداً في كتابكم. فيقولون: نعم إنه لح. فسمع كعب بن الأشرف وغيره. فقال لليهود في السر: أتحدثون أصحاب محمد بما فتح الله عليكم من أمر محمد ليخاصموكم به عند ربكم باعترافكم أنه نبي، أفلا تعقلون أنه حجة عليكم.]]. (وإن هم إلا يظنون) أي ليسوا على يقين، والظن هو التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد غير الجازم كذا في القاموس، أي ما هم إلا يترددون بغير جزم ولا يقين: وقيل الظن هنا بمعنى الكذب وقيل هو مجرد الحدس. لما ذكر الله سبحانه أهل العلم بأنهم غير عاملين بل يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وهم يعلمون، ذكر أهل الجهل منهم بأنهم يتكلون على الأماني ويعتمدون على الظن الذي لا يقفون من تقليدهم على غيره ولا يظفرون بسواه. فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب