الباحث القرآني

(قال) إبراهيم مقيماً للحجة عليهم مبكتاً لهم، وقال المحلي: قال ساكتاً عن فعله (بل فعله كبيرهم هذا) مشيراً إلى الصنم الذي تركه ولم يكسره. وقال الشهاب: هذا على طريقة الكناية الفرضية، فهذا يستلزم نفي فعل الصنم الكبير للكسر وإثباته لنفسه، وحاصله أنه إشارة لنفسه على الوجه الأبلغ مضمناً فيه الاستهزاء والتضليل. انتهى. أخرج أبو داود والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وغيرهم عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم يكذب إبراهيم في شيء قط إلا في ثلاث كلهن في الله. قوله إني سقيمٌ ولم يكن سقيماً. وقوله لسارة أختي، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا " [[الترمذي تفسير 21/ 3 - مسلم 2371 - البخاري 1113.]] وهذا الحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة بأطول من هذا، وقد روي نحوه أبو يعلى من حديث أبي سعيد. وقيل: أراد إبراهيم عليه السلام بنسبة الفعل إلى ذلك الكبير من الأصنام أنه فعل ذلك لأنه غار وغضب من أن يعبد وتعبد الصغار معه، إرشاداً لهم إلى أن عبادة هذه الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تدفع، لا تستحسن في العقل مع وجود خالقها وخالقهم والأول أولى، وقرئ بل فعله بتشديد اللام، على معنى بل فَلَعَلَّ الفاعل كبيرهم. (فاسألوهم) عن فاعله (إن كانوا ينطقون) أي إن كانوا ممن يمكنه النطق ويقدر على الكلام ويفهم ما يقال له فيجيب عنه بما يطابقه، وفيه تقديم جواب الشرط، أراد عليه السلام أن يبين لهم أن من لا يتكلم ولا يعلم ليس بمستحق للعبادة ولا يصح في العقل أن يطلق عليه أنه إله، فأخرج الكلام مخرج التعريض لهم بما يوقعهم في الاعتراف بأن الجمادات التي عبدوها ليست بآلهة، لأنهم إذا قالوا إنهم لا ينطقون، قال لهم فكيف تعبدون من يعجز عن النطق ويقصر عن أن يعلم بما يقع عنده في المكان الذي هو فيه؛ فهذا الكلام من باب فرض الباطل مع الخصم حتى تلزمه الحجة ويعترف بالحق، فإن ذلك أقطع لشبهته وأدفع لمكابرته. وإنما قال: ينطقون ولم يقل يسمعون أو يعقلون، مع أن السؤال موقوف على السمع والعقل أيضاً، لما أن نتيجة السؤال الجواب، وأن عدم نطقهم أظهر في تبكيتهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب