الباحث القرآني

(أئنكم لتأتون الرجال) أي: تلوطون بهم (وتقطعون السبيل) قيل: إنهم كانوا يفعلون الفاحشة بمن يمر بهم من المسافرين، فلما فعلوا ذلك ترك الناس المرور بهم، فقطعوا السبيل بهذا السبب، قال الفراء: كانوا يعترضون الناس في الطرق بعملهم الخبيث. وقيل: كانوا يقطعون الطريق على المارة: بقتلهم ونهبهم، والظاهر أنهم كانوا يفعلون ما يكون سبباً لقطع الطريق، من غير تقييد بسبب خاص، وقيل: إن معنى قطع الطريق قطع النسل بالعدول عن النساء إلى الرجال. (وتأتون في ناديكم المنكر) النادي والندى والمنتدى مجلس القوم ومتحللهم، ولا يقال للمجلس ناد إلا ما دام فيه أهله، واختلف في المنكر الذي كانوا يأتونه فيه، فقيل: كانوا يحذفون الناس بالحصباء ويستخفون بالغريب. وعن أم هاني بنت أبي طالب قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية قال: " كانوا يجلسون بالطريق، فيخذفون أبناء السبيل، ويسخرون منهم ". أخرجه أحمد، والترمذي وحسنه، وقال: لا نعرفه إلا من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك. وأخرج ابن مردويه عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " نهى عن الخذف "، وهو قول الله سبحانه (وتأتون في ناديكم المنكر) وعن ابن عمر قال: في الآية هو الخذف، وعن ابن عباس مثله. وقيل: كانوا يتضارطون في مجالسهم قالته عائشة، وقيل: كانوا يأتون الرجال في مجالسهم، وبعضهم يرى بعضاً، وقيل: كانوا يلعبون بالحمام، وقيل: كانوا يناقرون بين الديكة ويناطحون بين الكباش وقيل: يبزق بعضهم على بعض، ويلعبون بالنرد والشطرنج، ويلبسون المصبغات، وكان من أخلاقهم مضغ العلك وتطريف الأصابع بالحناء، وحل الإزار، والصفير، ولا مانع من أنهم كانوا يفعلون جميع هذه المنكرات، قال الزجاج: في هذا إعلام أنه لا ينبغي أن يتعاشر الناس على المنكر، وأن لا يجتمعوا على الهزء والمناهي، ولما أنكر لوط عليهم ما كانوا يفعلون أجابوا بما حكى الله عنهم بقوله: (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين) أي: فما أجابوا بشيء إلا بهذا القول، رجوعاً منهم إلى التكذيب واللجاج والعناد، وقد تقدم الكلام على هذه الآية، وقد تقدم في سورة النمل (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم) وتقدم في الأعراف: (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم) وقد جمع بين هذه الثلاثة المواضع بأن لوطاً كان ثابتاً على الإرشاد ومكرراً للنهي لهم، والوعيد عليهم، فقالوا له أولاً، إئتنا بعذاب الله، كما في هذه الآية. فلما كثر منه ذلك ولم يسكت عنهم قالوا: أخرجوهم كما في الأعراف والنمل، وقيل: أنهم قالوا أولاً أخرجوهم من قريتكم؛ ثم قالوا ثانياً: إئتنا بعذاب الله، ثم إن لوطاً لما يئس منهم طلب النصرة عليهم من الله سبحانه. و
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب