الباحث القرآني

(إن أول بيت) هذا شروع في بيان شيء آخر مما جادلت فيه اليهود بالباطل، وذلك أنهم قالوا إن بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة لكونه مهاجر الأنبياء وأرض المحشر، وفي الأرض المقدسة وقبلتهم فرد الله ذلك عليهم، ونبّه تعالى بكونه أول متعبّد على أنه أفضل من غيره - والأول هو الفرد السابق المتقدم على ما سواه، وقيل هو اسم للشيء الذي يوجد ابتداء سواء حصل عقيبه شيء آخر أو لم يحصل. قال علي كانت البيوت قبله، ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله قبل خلق آدم بألفي عام، ووضع بعده الأقصى وبينهما أربعون سنة كما في حديث الصحيحين، وهذا يقتضي أن الأقصى، بنته الملائكة أيضاً .. وقد اختلف في الباني له في الابتداء فقيل الملائكة، وقيل آدم، وقيل إبراهيم، ويجمع بين ذلك بأن أول من بناه الملائكة ثم جدده آدم ثم إبراهيم. (وضِع للناس) أي جميعهم كما قال (سواء العاكف فيه والباد) وضعه الله موضعاً للطاعات والعبادات، وقبلة للصلاة ومقصداً للحج والعمرة، ومكاناً للطواف تزداد فيه الخيرات وثواب الحسنات وأجر الطاعات. (للّذي ببكّة) بكة علم للبلد الحرام وكذا مكة وهما لغتان، فإن العرب تعاقب بين الباء والميم كلازب ولازم، ونبيت ونميت، اسم موضع، وراتب وراتم، وقيل أن بكة اسم لموضع البيت، ومكة اسم للبلد الحرام، وقيل بكة للمسجد ومكة للحرم كله، قيل سميت بذلك لأنها كانت تبك أي تدق أعناق الجبابرة. وأما تسميتها بمكة فقيل سميت بذلك لقلة مائها. وقيل لأنها تمكّ المخ من العظم بما ينال سكانها من المشقة، ومنه مككت العظم إذا أخرجت ما فيه، ومكّ الفصيل ضرع أمه وامتكه إذا امتصّه، وقيل سميت بذلك لأنها تمك من ظلم فيها أي تهلكه، وقيل لأنها تمك الذنوب أي تزيلها وتمحوها. (مباركاً) يعني ذا بركة، وأصل البركة النمو والزيادة، والبركة هنا كثرة الخير الحاصل لمن استقر فيه أو يقصده أي الثواب المتضاعف. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام " أخرجه البخاري ومسلم [[مسلم 1394 البخاري 646.]]. (وهدى للعالمين) أي لأنه قبلة للمؤمنين يهتدون به إلى جهة صلاتهم، وقيل لأن فيه دلالة على وجود الصانع المختار لما فيه من الآيات التي لا يقدر عليها غيره، وقيل هدى لهم إلى الجنة. أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول، قال: المسجد الحرام، قلت ثم أي قال المسجد الأقصى، قلت كم بينهما قال أربعون سنة [[مسلم 520 البخاري 1589.]]. وعن ابن عمر قال خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة، " وكان إذ كان عرشه على الماء زبدة بيضاء وكانت الأرض تحته كأنها حشفة فدحيت الأرض من تحته " أخرجه الطبراني والبيهقي في الشعب وابن جرير وابن المنذر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب