الباحث القرآني

(إنا نحن نحيي الموتى) أي نبعثهم بعد الموت، وقال الحسن والضحاك: أي نحييهم بالإيمان بعد الجهل، والأول أولى، وهو بيان لشأن عظيم، ينطوي على الإنذار والتبشير انطواء إجمالياً ثم توعدهم بكتب آثارهم فقال: (ونكتب) في صحف الملائكة. (ما قدموا) أي أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة (وآثارهم) أي ما أبقوه من الحسنات التي لا ينقطع نفعها بعد الموت كمن سن سنة حسنة كعلم علموه أو كتاب صنفوه، أو حبس حبسوه، أو بناء بنوه من مسجد أو رباط، أو قنطرة، أو نحو ذلك، أو السيئات التي تبقى بعد موت فاعلها، كمن سن سُنة سيئة كوظيفة وظفها بعض الظلام على المسلمين وسكة أحدثها فيها تخسيرهم، وشيء أحدث فيه صد عن ذكر الله من ألحان وملاهٍ ونحو ذلك [[من قال معنى آثارهم، خطاهم بأرجلهم استدلوا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم منازلكم فإنما تكتب آثاركم " رواه الترمذي 2/ 155 ومن قال إنه الخطا إلى الجمعة ومن قال: إنه من سنه سنة حسنة أو سيئة.]]. قال مجاهد وابن زيد: نظيره قوله: (علمت نفس ما قدمت وأخرت)، وقوله (يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ)، وقيل: المراد بالآية آثار المشائين إلى المساجد، وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين، قال النحاس: وهو أولى ما قيل في الآية لأنها نزلت في ذلك، ويجاب عنه بأن الاعتبار بعموم الآية لا بخصوص سببها، وعمومها يقتضي كتب جميع آثار الخير والشر، والإحياء هو المعتبر والكتابة مؤكدة معظمة لأمره، فلهذا قدم الإحياء. وقرى: نكتب على البناء للفاعل وللمفعول. عن أبي سعيد الخدري قال: " كان بنو سلمة في ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فأنزل الله (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنه يكتب آثارهم ثم قرأ عليهم الآية فتركوا " أخرجه الترمذي وحسنه، والبزار والحاكم وصححه، وغيرهم. وفي صحيح مسلم وغيره من حديث جابر قال: " إن بني سلمة أرادوا أن يبيعوا ديارهم ويتحولوا قريباً من المسجد فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم " [[رواه الطبري 22/ 154 والحاكم 2/ 428 والواحدي/209 ومسلم 1/ 462.]]. (وكل شيء) من أعمال العباد وغيرها كائناً ما كان، وقرأ الجمهور بنصب كل على الاشتغال، وقرىء بالرفع على الابتداء (أحصيناه في إمام) أي كتاب مقتدى به (مبين) موضح لكل شيء، قال مجاهد وقتادة وابن زيد: أراد اللوح المحفوظ، وقالت فرقه: أراد صحائف الأعمال.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب