الباحث القرآني

(لا فيها غول) أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها، ولا يصيبهم منها مرض ولا صداع، قال الفراء: العرب تقول ليس فيها غيلة وغائلة وغول سواء، وقال أبو عبيدة: الغول أن تغتال عقولهم، وقال الواحدي: الغول حقيقته الإهلاك، يقال: غاله غولاً واغتاله أي أهلكه، والغول: كل ما اغتالك أي أهلكك، ومنه الغول بالضم شيء توهمته العرب، ولها فيه أشعار كالعنقاء. (ولا هم عنها ينزفون) أي يسكرون. يقال: نزف الشارب فهو منزوف ونزيف إذا سكر قرأ الجمهور: ينزفون مبنياً للمفعول. وقرىء: بضم الياء وكسر الزاي من أنزف الرجل إذا ذهب عقله من السكر فهو نزيف ومنزوف ومنزف، يقال: أحصد الزرع إذا آن حصاده وأقطف الكرم إذا حان قطافه. قال الفراء: من كسر الزاي فله معنيان يقال: أنزف الرجل إذا فنيت خمره، وأنزف إذا ذهب عقله من السكر، وتحمل هذه القراءة على معنى لا ينفد شرابهم لزيادة الفائدة، قال النحاس: والقراءة الأولى أبين وأصح في المعنى لأن معنى ينزفون عند جمهور المفسرين لا تذهب عقولهم فنفى الله سبحانه عن خمر الجنة الآفات التي تلحق في الدنيا من خمرها، من الصداع والسكر. وقال الزجاج وأبو علي الفارسي معنى لا ينزفون بكسر الزاي: لا يسكرون، قال المهدوي: لا يكون معنى ينزفون يسكرون. لأن قبله لا فيها غول أي لا تغتال عقولهم، فيكون تكريراً، وهذا يقوي ما قاله قتادة: إن الغول وجع البطن وكذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقال الحسن: إن الغول الصداع، وبه قال ابن عباس. وقال ابن كيسان هو المغص فيكون معنى الآية لا يكون فيها نوع من أنواع الفساد المصاحبة لشرب الخمر في الدنيا من مغص أو وجع بطن أو صداع أو عربدة أو لغو أو تأثيم، ولا هم يسكرون منها، ويؤيد هذا أن أصل الغول الفساد الذي يلحق في خفاء يقال: اغتاله اغتيالاً إذا أفسد عليه أمره في خفية، ومنه الغول والغيلة: القتل خفية، وقرىء: ينزفون بفتح الياء وكسر الزاي، وقرىء: بفتح الياء وضم الزاي. عن ابن عباس قال: في الخمر أربع خصال السكر والصداع والقيء والبول فنزه الله خمر الجنة عنها، فقال: (لا فيها غول) أي لا تغول عقلهم من السكر، (ولا هم عنها ينزفون) قال: لا يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وعنه قال: هي الخمر ليس فيها وجع بطن، قال في النهر: ذكر أولاً الرزق وهو ما تتلذذ به الأجسام، وثانياً الإكرام وهو ما تتلذذ به النفوس، ثم ذكر المحل الذي هم فيه وهو جنات النعيم، ثم أشرف المحل وهو السرر. ثم لذة التأنس بأن بعضهم مقابل بعضاً وهو أتم السرور وآنسه ثم المشروب وأنهم لا يتناولون ذلك بأنفسهم بل يطاف عليهم بالكؤوس، ثم وصف ما يطاف عليهم به من الطيب وانتفاء المفاسد، ثم ذكر تمام النعمة الجسمانية وختم بها كما بدأ باللذة الجسمانية من الرزق وهي أبلغ الملاذ وهي التأنس بالنساء فقال: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب