الباحث القرآني

(لن يستنكف) أي لا يتكبر ولا يأنف (المسيح) الذي زعمتم إنه إله عن (أن يكون عبداً لله) أصل يستنكف نكف، وباقي الحروف زائدة، يقال نكفت من الشيء واستنكفت منه وأنكفته أن نزّهته عما يستنكف منه. قال الزجاج: استنكف أي أنف مأخوذ من نكفت الدمع إذا نحيته بإصبعك عن خديك، وقيل هو من النّكف وهو العيب يقال ما عليه في هذا الأمر نكف ولا وكف أي عيب، ومعنى الأول لن يأنف عن العبودية ولن يتنزه عنها، ومعنى الثاني لن يعيب العبودية ولن ينقطع عنها. (ولا الملائكة المقربون) أي ولن يستنكف حملة العرش وأفاضل الملائكة مثل جبريل وغيره عن أن يكونوا عباداً لله، وهذا من أحسن الاستطراد، ذكر للردّ على من زعم أنها آلهة أو بنات الله كما رد بما قبله على النصارى الزاعمين ذلك المقصود خطابهم. وقد استدل بهذا القائلون بتفضيل الملائكة على الأنبياء، وقرر صاحب الكشاف وجه الدلالة بما لا يسن ولا يغني من جوع، وادعى أن الذوق قاض بذلك، ونعم الذوق العربي إذا خالطه محبة المذهب، وشابه شوائب الجمود كان هكذا. وكلّ من يفهم لغة العرب يعلم أنّ من قال: لا يأنف من هذه المقالة إمام ولا مأموم أو لا كبير ولا صغير أو لا جليل ولا حقير لم يدل هذا على أن المعطوف أعظم شأناً من المعطوف عليه، وعلى كل حال فما أبرد الاشتغال بهذه المسئلة وما أقل فائدتها وما أبعدها عن أن تكون مركزاً من المراكز الدينية وجسراً من الجسور الشرعية. (ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر) أي يأنف تكبراً ويعد نفسه كبيراً على العبادة (فسيحشرهم إليه جميعاً) المستنكف وغيره فيجازي كلاًّ بعمله، لا يملكون لأنفسهم شيئاً، وترك ذكر غير المستنكف هنا لدلالة أول الكلام عليه ولكون الحشر لكلا الطائفتين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب