الباحث القرآني

أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) (أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ) بيان للأسباب لأن الشيء إذا أبهم ثم فسر كان أوقع في النفوس، وأفخم للشأن، أو بدل منها، وأنشد الأخفش عند تفسير الآية بيت زهير: ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... ولو رام أسباب السماء بسلم وقيل أسباب السموات الأمور التي يستمسك بها وكل ما أواك إلى شيء فهو سبب إليه كالرشاء ونحوه (فأطلع إلى إله موسى) أي انظر إليه، وأطلع على حاله، قرأ الأعرج السلمي وعيسى بن عمر وحفص بالنصب على جواب الأمر في قوله ابن لي، وهذا رأى البصريين. أو على جواب الترجي كما قال أبو عبيدة وغيره وهذا رأى الكوفيين. قال النحاس معنى النصب خلاف معنى الرفع لأن معنى النصب متى بلغت الأسباب اطلعت، وقرأ الجمهور بالرفع عطفاً على أبلغ فهو على هذا داخل في حيز الترجي، ومعناه لعلي أبلغ، ولعلي أطلع بعد ذلك، وقيل غير ذلك، وفي هذا دليل على أن فرعون كان بمكان من الجهل عظيم، وبمنزلة من فهم حقائق الأشياء سافلة جداً. (وإني لأظنه) أي موسى (كاذباً) في ادعائه بأن له إلهاً غيري، مستوياً على العرش فوق السموات أو فيما يدعيه من الرسالة قيل: قال فرعون ذلك تمويهاً وتلبيساً، وتخليطاً على قومه، وإلا فهو يعرف ويعتقد حقيقة الإله، وأنه ليس في جهة العلو، ولكنه أراد التلبيس على قومه توصلاً لبقائهم على الكفر، فكأنه يقول. لو كان إله موسى موجوداً لكان له محل، ومحله إما الأرض وإما السماء، ولم نره في الأرض فيبقى أن يكون في السماء، والسماء لا توصل إليها إلا بسلم قاله الحفناوي. (وكذلك) التزيين (زين لفرعون سوء عمله) من الشرك والتكذيب فتمادى في الغي واستمر على الطغيان، والمزين هو الشيطان (وصد عن السبيل) أي سبيل الرشاد والهدى، قرأ الجمهور وصد بفتح الصاد والدال، أي صد فرعون الناس عن السبيل، وقرأ الكوفيون وصد بضم الصاد مبنياً للمفعول، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم. ولعل وجه الاختيار لها منهما كونها مطابقة لما أجمعوا عليه في زين، من البناء للمفعول والقراءتان سبعيتان وقرأ يحيى بن وثاب وعلقمة. صد بكسر الصاد وضم الدال منوناً وقرأ ابن أبي إسحق وعبد الرحمن بن أبي بكر بفتح الصاد وضم الدال منوناً، وكل من هاتين القراءتين على أنه مصدر معطوف على: (سوء عمله)، أي زين له الشيطان سوء العمل والصد. (وما كيد فرعون) في إبطال آيات موسى (إلا في تباب) أي خسار وهلاك، قال ابن عباس: التباب الخسران، ومنه (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) ثم إن ذلك الرجل المؤمن أعاد التذكير والتحذير كما حكى عنه بقوله: وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب