الباحث القرآني

(ولمن خاف) أي لكل فرد من أفراد الخائفين أو لمجموعهم والأول هو المعتمد (مقام ربه) مقامه سبحانه هو الموقف الذي يقف فيه العباد للحساب كما في قوله: (يوم يقوم الناس لرب العالمين) وقيل: المعنى خاف قيام ربه عليه وهو إشرافه على أحواله واطلاعه على أفعاله وأقواله، كما في قوله: أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت، أو قيام الخائف عند ربه للحساب، ومحصله احتمالات ثلاثة في تفسير المقام، أولها أنه أسم مكان، والثاني أنه مصدر تحته احتمالان، إما بمعنى قيام الله على الخلائق، أو بمعنى قيام الخلائق بين يديه، قال مجاهد والنخعي: هو الرجل الذي يهم بالمعصية فيذكر الله فيدعها من خوفه وفيه إشارة إلى سبب استحقاق الجنتين في نفس الأمر وهو أنه ليس مجرد الخوف بل الخوف الناشىء عنه ترك المعاصي. (جنتان) إختلف فيهما فقال مقاتل: يعني جنة عدن وجنة النعيم، وقيل: إحداهما التي خلقت له، والأخرى ورثها، وقيل: إحداهما منزله والأخرى منزل أزواجه، وقيل: إحداهما أسافل القصور. والأخرى أعاليها، وقيل: جنة لفعل الطاعة، وأخرى لترك المعصية، وقيل: جنة للعقيدة التي يعتقدها وجنة للعمل الذي يعمله، وقيل: جنة بالعمل وجنة بالتفضل، وقيل: جنة روحانية، وجنة جسمانية. وقيل: جنة لخوفه من ربه وجنة لتركه شهوته وقال الفراء: إنما هي جنة واحدة والتثنية لأجل موافقة رؤوس الآي، قال النحاس: وهذا من أعظم الغلط على كتاب الله، فإن الله يقول جنتان ويصفهما بقوله فيهما فيهما إلخ وقيل إنما كانتا اثنتين ليتضاعف له السرور بالتنقل من جهة إلى جهة. قال ابن عباس: وعد الله المؤمنين الذين خافوا مقامه فأدوا فرائضه الجنتين، وعنه أيضاًً يقول: خاف ثم اتقى، والخائف من ركب طاعة الله وترك معصيته، وعن عطاء أنها نزلت في أبي بكر، وعن ابن شوذب مثله وقال ابن مسعود في الآية: لمن خافه في الدنيا. " وعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: ولمن خاف مقام ربه جنتان فقلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية: ولمن خاف مقام ربه جنتان، فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ فقال الثالثة: ولمن خاف مقام ربه جنتان، فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: نعم وإن، رغم أنف أبي الدرداء [[رواه أحمد.]] " أخرجه أحمد والترمذي والنسائي والبزار وأبو يعلي والطبراني وغيرهما. " وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولمن خاف مقام ربه جنتان فقال أبو الدرداء: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله قال: وإن زنى وإن سرق، وإن رغم أنف أبي الدرداء " أخرجه ابن مردويه وعن يسار مولى لآل معاوية عن أبي الدرداء في الآية قال: قيل لأبي الدرداء: وإن زنى وإن سرق، قال: من خاف مقام ربه لم يزن ولم يسرق. " وعن ابن شهاب قال: كنت عند هشام بن عبد الملك فقال: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولمن خاف مقام ربه جنتان، قال أبو هريرة: وإن زنى وإن سرق؟ فقلت: إنما كان ذلك قبل أن تنزل الفرائض، فلما نزلت الفرائض ذهب هذا "، أخرجه ابن مردويه. " وعن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جنان الفردوس أربع جنات، جنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما. وجنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن [[رواه البخاري ومسلم.]] " أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، وعنه في الآية قال: جنتان من ذهب للسابقين، وجنتان من فضة للتابعين، قال القرطبي: في هذه الآية دليل على أن من قال لزوجته: إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق أنه لا يحنث إن كان هم بالمعصية وتركها خوفاً من الله، وحياء منه وهو قول سفيان الثوري وبه أفتى، ومذهب الشافعي أنه لا يحنث إذا كان مسلماً ومات على الإسلام
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب