الباحث القرآني

(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) أي سارعوا مسارعة السابقين بالأعمال الصالحة التي توجب لكم المغفرة من ربكم، وتوبوا مما وقع منكم من المعاصي وقيل: المراد بالآية التكبيرة الأولى مع الإمام، قاله مكحول، وقيل: المراد الصف الأول، ولا وجه لتخصيص ما في الآية بمثل هذا بل هو من جملة ما تصدق عليه صدقاً شمولياً أو بدلياً، وحاصل المعنى لتكن مفاخرتكم ومكاثرتكم في غير ما أنتم عليه من أمور الدنيا، بل احرصوا على أن تكون مسابقتكم في طلب الآخرة. (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) أي كعرضهما وإذا كان هذا قدر عرضها فما ظنك بطولها، قال الحسن يعني جميع السموات السبع والأرضين السبع مبسوطات، كل واحدة إلى صاحبتها، وقيل: المراد بالجنة التي عرضها هذا العرض هي جنة كل واحد من أهل الجنة، وقال ابن كيسان: عنى به جنة واحدة من الجنات، والعرض أقل من الطول، ومن عادة العرب أنها تعبر عن الشيء بعرضه دون طوله، وقيل: المراد بالعرض السعة لا ضد الطول كما في قوله تعالى: (فذو دعاء عريض) وقيل: إن هذا تمثيل للعباد بما يعقلونه، ويقع في نفوسهم وأفكارهم، والأول أولى، وقد مضى تفسير هذا في سورة آل عمران. ثم وصف سبحانه تلك الجنة بصفة أخرى فقال: (أعدت للذين آمنوا بالله ورسله) هذه الجملة مستأنفة، وفي هذا دليل على أنها مخلوقة، وعلى أن استحقاق الجنة يكون بمجرد الإيمان بالله ورسله ولكن هذا مقيد بالأدلة الدالة على أنه لا يستحقها إلا من عمل بما فرض الله عليه، واجتنب ما نهاه الله عنه، وهي أدلة كثيرة في الكتاب والسنة. (ذلك) أي ما وعد به سبحانه من المغفرة والجنة (فضل الله يؤتيه) أي يعطيه (من يشاء) إعطاءه إياه تفضلاً وإحساناً، وفيه دليل على أنه لا يدخل أحد الجنة إلا بفضل الله لا بعمله (والله ذو الفضل العظيم) فهو يتفضل على من يشاء بما يشاء، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع؛ والخير كله بيده، وهو الكريم المطلق، والجواد الذي لا يبخل، فلا يبعد منه التفضل بذلك، وإن عظم قدره، ثم بين سبحانه أن ما يصاب به العباد من المصائب قد سبق بذلك قضاؤه وقدره، وثبت في أم الكتاب، فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب