الباحث القرآني

(يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول) المناجاة المساررة، والمعنى إذا أردتم مساررة الرسول في أمر من أموركم (فقدموا بين يدي نجواكم) أي مساررتكم له (صدقة) في هذا الأمر تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتفاع الفقراء والنهي عن الإِفراط في السؤال، والميز بين المخلص والمنافق ومحب الدنيا والآخرة، واختلف في أنه للندب أو للوجوب، قال الحسن: نزلت بسبب أن قوماً من المسلمين كانوا يستخلون النبي صلى الله عليه وسلم، يناجونه فظن بهم قوم من المسلمين أنهم ينتقصونهم في النجوى، فشق عليهم ذلك فأمرهم الله بالصدقة عند النجوى ليقطعهم عن استخلائه. وقال زيد بن أسلم: نزلت بسبب أن المنافقين واليهود كانوا يناجون النبي صلى الله عليه وسلم، ويقولون: إنه أذن يسمع كل ما قيل له، وكان لا يمنع أحداً من مناجاته، وكان ذلك يشق على المؤمنين، لأن الشيطان كان يلقي في أنفسهم أنهم ناجوه بأن جموعاً اجتمعت لقتاله، فأنزل الله الآية الأولى فلم ينتهوا، فأنزل الله هذه الآية فانتهى أهل الباطل، لأنهم لم يقدموا بين يدي نجواهم صدقة، وشق ذلك على أهل الإيمان، وامتنعوا عن النجوى لضعف كثير منهم عن الصدقة، فخفف الله عنهم بالآية التي بعد هذه. وقال ابن عباس: إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما قال ذلك: ضن كثير من الناس وكفوا عن المسألة. فأنزل الله بعد هذا (أأشفقتم) الآية فوسع الله عليهم ولم يضيق. " وعن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ما ترى ديناراً؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينار قلت: لا يطيقونه، قال: فكم؟ قلت: شعيرة قال إنك لزهيد، قال: فنزلت (أأشفقتم) الآية في خفف الله عن هذه الأمة " والمراد بالشعيرة هنا وزن شعيرة من ذهب، وليس المراد الواحدة من حب الشعير، أخرجه الترمذي وحسنه أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وغيرهم. وعنه رضي الله تعالى عنه قال ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت، وما كانت إلا ساعة يعنى آية النجوى، وعنه رضي الله عنه قال: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدى، آية النجوى كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت كلما ناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي نجواي درهماً، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت (أأشفقتم) الآية، وعن سعد بن أبي وقاص قال: نزلت آية النجوى فقدمت شعيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنك لزهيد، فنزلت الآية الأخرى (أأشفقتم) الآية. (ذلك) أي ما تقدم من تقديم الصدقة بين يدي النجوى (خير لكم) لما فيه من طاعة الله، وتقييد الأمر بكون امتثاله خيراً لهم من عدم الامتثال (وأطهر) لنفوسهم، يدل على أنه أمر ندب لا أمر وجوب قوله: (فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم) يعني من كان منكم لا يجد تلك الصدقة المأمور بها بين يدي النجوى، فلا حرج عليه في النجوى بدون صدقة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب