الباحث القرآني

(الذين يظاهرون) بضم الياء وتخفيف الظاء وكسر الهاء، وقرأ الجمهور يظهرون بالتشديد مع فتح حرف المضارعة، وقرىء يظاهرون بفتح الياء وتشديد الظاء وزيادة ألف، وقد تقدم مثل هذا في سورة الأحزاب وقرىء يتظاهرون وكلها سبعيات ومعنى الظهار شرعاً أن يقول لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي، أنت مني أو معي أو عندي كظهر أمي ولا خلاف في كون هذا ظهاراً، واختلفوا إذا قال أنت علي كظهر ابنتي أو أختي أو غير ذلك من ذوات المحارم، فذهب جماعة منهم أبو حنيفة ومالك إلى أنه ظهار وبه قال الحسن والنخعي والزهري والأوزاعي والثوري، وقال جماعة منهم قتادة والشعبي: إنه لا يكون ظهاراً بل يختص الظهار بالأم وحدها واختلفت الرواية عن الشافعي فروي عنه كالقول الأول وكالقول الثاني. وأصل الظهار مشتق من الظهر وهو لغة العلو وليس هو من ظهر الإنسان واختلفوا إذا قال لامرأته: أنت عليّ كرأس أمي أو يدها أو رجلها أو نحو ذلك، هل يكون ظهاراً أم لا؟ وهكذا إذا قال: أنت عليّ كأمي ولم يذكر الظهر، والظاهر أنه إذا قصد بذلك الظهار كان ظهاراً، وروي عن أبي حنيفة أنه إذا شبهها بعضو من أمه يحل له النظر إليه لم يكن ظهاراً، وروي عن الشافعي أنه لا يكون الظهار إلا في الظهر وحده، واختلفوا إذا شبه امرأته بأجنبية فقيل: يكون ظهاراً، وقيل: لا، والكلام في هذا مبسوط في كتب الفروع. (منكم) أي حال كونهم منكم أيها العرب، وهذا توبيخ لهم، وتهجين لعادتهم، لأن الظهار كان خاصاً بالعرب ومن أيمان جاهليتهم دون سائر الأمم (من نسائهم) يعني يحرمون زوجاتهم كتحريم الله عليهم ظهور أمهاتهم، يقولون لهن: أنتن كظهور أمهاتنا (ما هن أمهاتهم) أي ما نساؤهم بأمهاتهم فذلك كذب بحت منهم، وإنه منكر وزور، وفي هذا توبيخ للمظاهرين وتبكيت لهم قرأ الجمهور أمهاتهم بالنصب على اللغة الحجازية في إعمال (ما) عمل ليس، وقرىء بالرفع على عدم الإعمال، وهي لغة نجد وبني أسد. ثم بيّن لهم سبحانه أمهاتهم على الحقيقة فقال: (إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم) أي ما أمهاتهم إلا النساء اللاتي ولدنهم، يريد أن الأمهات على الحقيقة الوالدات، والمرضعات ملحقات بالوالدات بواسطة الرضاع، وكذا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، لزيادة حرمتهن وأما الزوجات فأبعد شيء من الأمومة فلذا زاد سبحانه في توبيخهم وتقريعهم فقال: (وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً) أي وإن المظاهرين ليقولون بقولهم هذا فظيعاً من القول، ينكره الشرع، والزور: الكذب الباطل، المنحرف عن الحق (وإن الله لعفو غفور) أي بليغ العفو والمغفرة إذ جعل الكفارة عليهم، مخلصة لهم عن هذا القول المنكر ولما ذكر سبحانه الظهار إجمالاً، ووبخ فاعليه، شرع في تفصيل أحكامه فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب