الباحث القرآني

(قل لمن ما في السموات والأرض) هذا احتجاج عليهم قاطع، وتبكيت لهم ساطع، لا يقدرون على التخلص منه أصلاً (ولمن) خبر مقدم والمبتدأ ما وهي بمعنى الذي، وجملة (قل لله) تقرير لهم وتنبيه على أنه المتعين للجواب بالاتفاق بحيث لا يتأتى لأحد أن يجيب بغيره كما نطق به قوله (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولُنّ الله). وإذا ثبت أن له ما في السموات والأرض إما باعترافهم أو بقيام الحجة عليهم فالله قادر على أن يعاجلهم بالعقوبة ولكنه (كتب على نفسه الرحمة) أي: وعد بها فضلاً منه وتكرماً لا أنه مستحق عليه وذكر النفس هنا عبارة عن تأكد وعده وارتفاع الوسائط دونه. وفي الكلام ترغيب للمتولين عنه إلى الإقبال إليه وتسكين خواطرهم بأنه رحيم بعباده لا يعاجلهم بالعقوبة وأنه يقبل منهم الإنابة والتوبة، ومن رحمته لهم إرسال الرسل وإنزال الكتب ونصب الأدلة. وقد أخرج مسلم وأحمد وغيرهما عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " خلق الله يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة منها رحمة يتراحم بها الخلق وتسعة وتسعون ليوم القيامة فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة " [[مسلم 2753.]]. وثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لما قضى الله الخلق وكتب كتاباً فوضعه عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي " [[صحيح الجامع الصغير 5090.]] وقد روى من طرق أخرى بنحو هذا. قيل معنى الجملة القسم، وعلى هذا فقوله (ليجمعنكم) جوابه لما تضمنه معنى القسم وقال الزجاج: إنها بدل من الرحمة لأنه فسره بأنه أمهلكم وأمد لكم في العمر والرزق مع كفركم، فهو تفسير للرحمة وقد ذكره الفراء أيضاً ورده ابن عطية وقال: هو جواب قسم محذوف أي والله ليجمعنكم. وقيل المعنى ليجمعنكم في القبور مبعوثين أو محشورين وقيل اللام بمعنى أن أي أن يجمعكم كما في قوله تعالى: (ليسجننه) أي أن يسجنوه وقيل زائدة وقيل: إن جملة ليجمعنكم مسوقة للترهيب بعد الترغيب وللوعيد بعد الوعد، أي إن أمهلكم برحمته فهو مجازيكم يجمعكم ثم يعاقب من يستحق عقوبته من العصاة. (إلى يوم القيامة) إلى بمعنى (في) وقيل المعنى في قبوركم إلى اليوم الذي أنكرتموه وهو يوم القيامة (لا ريب فيه) أي لا شك في اليوم أو في الجمع. (الذين خسروا أنفسهم) أي ليجمعن المشركين الذين غبنوا أنفسهم باتخاذهم الأصنام فعرضوا أنفسهم لسخط الله وأليم عقابه فكانوا كمن خسر شيئاً، وأصل الخسار الغبن يقال خسر الرجل إذا غبن في بيعه (فهم لا يؤمنون) لما سبق عليهم القضاء بالخسران فهو الذي حملهم على الامتناع من الإيمان بحيث لا سبيل لهم إليه أصلاً. وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب