الباحث القرآني

(وآخرين منهم) مجرور عطفاً على الأميين، أي بعثه في الأميين الذين على عهده، وبعثه في آخرين منهم، أو منصوب عطفاً على الضمير المنصوب في يعلمهم، أي ويعلم آخرين، وكل من يعلم شريعة محمد صلى الله عليه وسلم إلى آخر الزمان، فرسول الله صلى الله عليه وسلم معلمه بالقوة لأنه أصل ذلك الخير العظيم، والفضل الجسيم، أو عطفاً على مفعول يزكيهم أي يزكيهم ويزكي آخرين والمراد بالآخرين من جاء بعد الصحابة إلى يوم القيامة، وقيل: المراد بهم من أسلم من غير العرب، وقال عكرمة: هم التابعون، وقال مجاهد: الناس كلهم وكذا قال ابن زيد والسدي. (لما يلحقوا بهم) ذلك الوقت وسيلحقون بهم من بعد، وقيل: في السبق إلى الإسلام والشرف والدرجة وهذا النفي مستمر دائماً لأن الصحابة لا يلحقهم ولا يساويهم في شأنهم أحد من التابعين، ولا ممن بعدهم، فالمنفي هنا غير متوقع الحصول، ولذلك لما ورد عليه أن لما تنفي ما هو متوقع الحصول، والمنفي هنا ليس كذلك، فسرها المحلي بلم التي منفيها أعم من أن يكون متوقع الحصول أولاً فـ (لما) هنا ليست على بابها، والضمير في بهم ومنهم راجع إلى الأميين، وهذا يؤيد أن المراد بالآخرين هم من يأتي بعد الصحابة من العرب خاصة إلى يوم القيامة، وهو صلى الله عليه وسلم وإن كان مرسلاً إلى جميع الثقلين فتخصيص العرب هنا لقصد الامتنان عليهم، وذلك لا ينافي عموم الرسالة ويجوز أن يراد بالآخرين العجم لأنهم وإن لم يكونوا من العرب فقد صاروا بالإسلام مثلهم، والمسلمون كلهم أمة واحدة، وإن اختلفت أجناسهم. و" عن أبي هريرة قال كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت سورة الجمعة فتلاها، فلما بلغ (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) قال له رجل: يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا؟ فوضع يده على سلمان الفارسي وقال: والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء " أخرجه البخاري وغيره، وأخرجه أيضاًً مسلم من حديثه مرفوعاً بلفظ: لو كان الإيمان عند الثريا لذهب به رجال من فارس أو قال من أبناء فارس. وعن قيس بن سعد بن عبادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو كان الإيمان بالثريا لناله ناس من أهل فارس "، أخرجه سعيد بن منصور وابن مردويه. و" عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالاً ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، ثم قرأ (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) ". (وهو العزيز الحكيم) أي بليغ العزة والحكمة، في تمكينه رجلاً أمياً من ذلك الأمر العظيم، وتأييده عليه، واختياره إياه من بين كافة البشر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب