الباحث القرآني

(قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) "، أخرجه الهيثم بن كليب في مسنده والضياء المقدسي في المختارة من طريق نافع. " وعن أبي هريرة أن سبب النزول تحريم مارية كما سلف "، أخرجه الطبراني في الأوسط وابن مردويه وسنده ضعيف. الثاني قيل: السبب أنه كان صلى الله عليه وسلم يشرب عسلاً، وهو الذي رواه الشيخان، والتي شرب عندها هي زينب بنت جحش فتواطأت عائشة وحفصة أن يقولا له إذا دخل عليهما: إنا نجد منك ريح مغافير فحرم العسل فنزلت هذه الآية، أخرج البخاري وغيره: " عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها لبناً أو عسلاً فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير فدخل على إحداهما فقالت ذلك له، فقال: لا بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش، ولن أعود، فنزلت (يا أيها النبي) إلى قوله (إن تتوبا إلى الله) لعائشة وحفصة، (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً) لقوله: بل شربت عسلاً ". وقيل: هي سودة كما روي: " عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من شراب عند سودة من العسل، فدخل على عائشة فقالت: إني أجد منك ريحاً فدخل على حفصة فقالت: إني أجد منك ريحاً، فقال: أراه من شراب شربته عند سودة، والله لا أشربه أبداً فأنزل الله هذه الآية " أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، قال السيوطي: بسند صحيح، وقيل: هي أم سلمة كما روي: " عن عبد الله بن رافع قال: سألت أم سلمة عن هذه الآية يا أيها النبي لم تحرم؟ قالت كانت عندي عكة من عسل أبيض فكان النبي صلى الله عليه وسلم يلعق منها، وكان يحبه فقالت له عائشة نحلها تجرس عرفطاً فنزلت هذه الآية " أخرجه ابن سعد وذكره الخطيب والخازن، وقيل: هي حفصة فواطأت عائشة وسودة وصفية فقلن له إنا نشم منك ريح المغافير، فحرم العسل فنزلت الآية، قاله البيضاوي. الثالث قيل: السبب المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فالأولان سببان صحيحان لنزول الآية والجمع ممكن بوقوع القصتين، قصة مارية وقصة العسل، وأن القرآن نزل فيهما جميعاً، وفي كل واحد منهما أنه أسر الحديث إلى بعض أزواجه، وأما الثالث فقال شيخنا الشوكاني: أنه ليس في ذلك إلا ما روى ابن أبي حاتم وابن مردويه. " عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية للمرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم "، قال السيوطي: وسنده ضعيف، ويرد هذا أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل تلك الواهبة نفسها، فكيف يصح أن يقال: إنه نزل في شأنها؟ فإن من رد ما وهب له لم يصح أن يقال: أنه حرم على نفسه، وأيضاًً لا ينطبق على هذا السبب قوله: وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً إلى آخر ما حكاه الله. وأما ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن ابن عباس سأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنهما عائشة وحفصة ثم ذكر قصة الإيلاء كما في الحديث الطويل، فليس في هذا نفي كون السبب هو ما قدمنا من قصة العسل والسرية، لأنه إنما أخبره بالمتظاهرتين، وذكر فيه أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه وتهجره إحداهن من اليوم إلى الليل، وأن ذلك سبب الاعتزال، لا سبب نزول: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك؟ ويؤيد هذا ما قدمنا عن ابن عباس أنه قال لعمر بن الخطاب: من المرأتان اللتان تظاهرتا فأخبره بأنهما حفصة وعائشة وبينّ له أن السبب قصة مارية، هذا ما تيسر من تلخيص سبب نزول الآية، ودفع الاختلاف في شأنه، فاشدد عليه يديك لتنجو به من الخبط والخلط الذي وقع للمفسرين. (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) أي شرع لكم تحليل أيمانكم، وبينّ لكم الخروج والخلاص منها بالكفارة، وقول النسفي: أو شرع لكم الاستثناء في أيمانكم من قولك حلل فلان في يمينه إذا استثنى فيها، وذلك أن يقول: إن شاء الله عقيبها حتى لا يحنث، وتحريم الحلال يمين عندنا انتهى، وتحلة أصلها تحللة فأدغمت وهي من مصادر التفعيل كالتوصية والتسمية، فكأن اليمين عند والكفارة حل لأنها تحل للحالف ما حرمه على نفسه، قال مقاتل: المعنى قد بينّ الله كفارة أيمانكم في سورة المائدة، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكفر يمينه، ويراجع وليدته، فأعتق رقبة. وعن الحسن أنه لم يكفر لأنه صلى الله عليه وسلم مغفور له ذكره المحلي والنسفي، قال الزجاج: وليس لأحد أن يحرم ما أحل الله وهذا هو الحق، إن تحريم ما أحل الله لا ينعقد ولا يلزم صاحبه، فالتحليل والتحريم هو إلى الله سبحانه لا إلى غيره، ومعاتبته لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه السورة أبلغ دليل على ذلك، والبحث طويل، والمذاهب فيه كثيرة، والمقالات فيه طويلة وقد حققه الشوكاني في مؤلفاته بما يشفي، وذكر رضي الله عنه في شرحه للمنتقي خمسة عشر قولاً، واختلف العلماء هل مجرد التحريم يمين توجب الكفارة أم لا؟ وفي ذلك خلاف، وليس في الآية ما يدل على أنه يمين، لأن الله سبحانه عاتبه على تحريم ما أحله له، ثم قال: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم، وقد ورد في القصة التي ذهب أكثر المفسرين إلى أنها هي سبب نزول الآية حرم أولاً ثم حلف ثانياً، كما قدمنا. عن ابن عباس قال: في الحرام يكفر، وقال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، وعنه أنه جاءه رجل فقال: إني جعلت امرأتي عليّ حراماً فقال كذبت ليست عليك بحرام، ثم تلا (لم تحرم ما أحل الله لك)؟ قال: عليك أغلظ الكفارات عتق رقبة. " وعن عائشة قالت لما حلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح فأنزل الله (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) فأحل يمينه، وأنفق عليه " أخرجه الحرث ابن أسامة. (والله مولاكم) أي وليكم وناصركم، والمتولي لأموركم، وقيل: مولاكم أولى بكم من أنفسكم، فكانت نصيحته أنفع لكم من نصائحكم أنفسكم ذكره النسفي (وهو العليم) بما فيه صلاحكم وفلاحكم (الحكيم) في أقواله وأفعاله. (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً) قال أكثر المفسرين ومنهم النسفي والمحلي والخازن: هي حفصة كما سبق، والحديث هو تحريم مارية أو العسل أو تحريم التي وهبت نفسها له، والعامل في الظرف فعل مقدر، أي واذكر إذ أسر، وقال الكلبي: أسر إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتي على أمتي من بعدي. وأخرج ابن عدي وابن عساكر. " عن عائشة في الآية قالت: أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي ". وأخرج ابن عدي وأبو نعيم في الصحابة والعشاري في فضائل الصديق وابن مردويه وابن عساكر من طرق: " عن علي وابن عباس قالا: والله إن إمارة أبي بكر وعمر لفي الكتاب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب