الباحث القرآني

(فدلاهما بغرور) أي مناهما، والتدلية والإدلاء إرسال الشيء من أعلى إلى أسفل يقال أدلى دلوه أرسلها والمعنى أنه أهبطهما بذلك من الرتبة العلية إلى الأكل من الشجرة أو من السماء إلى الأرض، وقيل معناه أوقعهما في الهلاك وقيل خدعهما، وقيل دلاهما من الدالة وهي الجرأة أي جرأهما على المعصية فخرجا من الجنة. (فلما ذاقا) أي طعما الشجرة (بدت) ظهرت (لهما سؤآتهما) عوراتهما أي ظهر لكل منهما قبله وقبل الآخر ودبره بسبب زوال ما كان ساتراً لها وهو تقلص النور الذي كان عليها، قال ابن عباس تهافت عنهما لباسهما حتى أبصر كل واحد منهما ما ووري عنه من عورة صاحبه وكانا لا يريان ذلك. وقال قتادة: كان لباسهما ظفراً كله فقشط عنهما أي غطاء على الجسد من جنس الأظفار فنزع عنهما وبقيت الأظفار في اليدين والرجلين تذكرة وزينة وانتفاعاً. وقبل كان من ثياب الجنة وهذا أقرب لأن إطلاق اللباس يتبادر فيه. وقال مجاهد: كان لباسهما التقوى وقد تقدم في البقرة وفيه دليل على أنهما تناولا اليسير من ذلك قصداً إلى معرفة طعمه لأن الذوق يدل على الأكل اليسير. (وطفقا) طفق يفعل كذا شرع يفعل كذا، وحكى الأخفش طفق يطفق مثل ضرب يضرب أي شرعا أو جعلا وأقبلا (يخصفان عليهما من ورق الجنة) قيل من التين، وقيل من الموز، قرأ الزهري يخصفان من أخصف، وقرأ الجمهور يخصفان من خصف، والمعنى أنهما أخذا يقطعان الورق ويلزقانه بعورتهما ليستراها من خصف المنعل إذا جعله طبقة فوق طبقة. عن عكرمة قال: كان لباس كل دابة منها ولباس الإنسان الظفر فأدركت آدم التوبة عند ظفره، وقال ابن عباس: كان لباس آدم وحواء كالظفر فلما أكلا من الشجرة لم يبق عليهما إلا مثل الظفر وطفقا ينزعان ورق التين فيجعلانه على سؤآتهما، وعنه قال لما سكن آدم الجنة كساه سربالاً من الظفر فلما أصاب الخطيئة سلبه السربال فبقي في أطراف أصابعه. وعن أنس بن مالك قال: كان لباس آدم في الجنة الياقوت فلما عصى قلص فصار الظفر، وقال مجاهد: يخصفان يرقعان كهيئة الثوب، وفي الآية دليل على أن كشف العورة من ابن آدم قبيح، ألا ترى أنهما بادرا إلى ستر العورة لما تقرر في عقلهما من قبح كشفها. (وناداهما ربهما) قائلاً لهما (ألم أنهكما عن تلكما الشجرة) التي نهيتكما عن أكلها، وهذا عتاب من الله تعالى لهما وتوبيخ حيث لم يحذرا ما حذرهما منه والاستفهام للتقرير (وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) أي مظهر للعداوة بترك السجود حسداً وبغياً كما قال في سورة طه فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك الآية، قال السدي: قال آدم إنه حلف لي بك ولم أكن أعلم أن أحداً من خلقك يحلف بك إلا صادقاً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب