الباحث القرآني

يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) هذا خطاب لجميع بني آدم وإن كان وارداً على سبب خاص، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والزينة ما يتزين به الناس من الملبوس، أمروا بالتزيين عند الحضور إلى المساجد للصلاة والطواف. وقد استدل بالآية على وجوب ستر العورة في الصلاة وإليه ذهب جمهور أهل العلم بل سترها واجب في كل حال من الأحوال وإن كان الرجل خالياً كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة قال ابن عباس: إن النساء كن يطفن عراة إلا أن تجعل المرأة على فرجها خرقة وتقول: اليوم يبدو بعضه أو كله ... وما بدا منه فلا أحله فنزلت هذه الآية وعنه قال: كان الرجال يطوفون بالبيت عراة فأمرهم الله بالزينة والزينة اللباس وما يواري السوأة وما سوى ذلك من جيد البز والمتاع قال مجاهد: ما يواري عوراتكم ولو عباءة؛ وقيل الزينة المشط والطيب فيستحب التزين والتعطر كما يجب التستر والتطهر والأول أولى. وأخرج ابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " خذوا زينة الصلاة قالوا وما زينة الصلاة؟ قال البسوا نعالكم فصلوا فيها "، وأخرج العقيلي وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله خذوا زينتكم عند كل مسجد قال: " صلوا في نعالكم ". والأحاديث في مشروعية الصلاة في النعل كثيرة جداً، وأما كون ذلك هو تفسير الآية كما روى في هذين الحديثين فلا أدري كيف إسنادهما، وقد ورد النهي عن أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة. (وكلوا واشربوا) ما شئتم (ولا تسرفوا) أي بتحريم الحلال أو بالتعدي إلى الحرام أو بالإفراط في الطعام، أمر الله سبحانه عباده بالأكل والشرب ونهاهم عن الإسراف فلا زهد في ترك مطعم ولا مشرب، وتاركه بالمرة قاتل لنفسه، وهو من أهل النار كما صح في الأحاديث الصحيحة والمقل منه على وجه يضعف به بدنه ويعجز عن القيام بما يجب عليه من طاعة أو سعي على نفسه وعلى من يعول، مخالف لما أمر الله به وأرشد إليه، والمسرف في إنفاقه على وجه لا يفعله إلا أهل السفه والتبذير، مخالف لما شرعه الله لعباده واقع في النهي القرآني. وهكذا من حرم حلالاً أو حلل حراماً فإنه يدخل في المسرفين ويخرج عن المقتصدين ومن الإسراف الأكل لا لحاجة وفي وقت شبع، قال ابن عباس: أحل الله الأكل والشرب ما لم يكن سرفاً أو مخيلة قال علي بن الحسين بن واقد، قد جمع الله الطب كله في نصف آية يعني هذه الآية، وفيه دليل على أن جميع المطعومات والمشروبات حلال إلا ما خصه الشرع بدليل في التحريم، لأن الأصل في جميع الأشياء الإباحة إلا مما حظره الشارع، وثبت تحريمه بدليل منفصل. (إنه لا يحب المسرفين) في الطعام والشراب واللباس، وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي في الشعب من طريق عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة ولا سرف، فإن الله سبحانه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده [[صحيح الجامع الصغير 4381.]]. وفي الآية وعيد وتهديد لمن أسرف في هذه الأشياء لأن محبة الله عبارة عن رضاه عن العبد وإيصال الثواب إليه، وإذا لم يحبه علم أنه ليس براض عنه فدلت الآية على الوعيد الشديد في الإسراف في المأكول والمشروب والملبوس، وما أحق بهذا الوعيد أهل الدول من الفساق والفجار. قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب