الباحث القرآني

(ومن خفت) بالسيئات عدلاً (موازينه) والمراد موازين أعماله وهم الكفار بدليل قوله (فأولئك الذين خسروا أنفسهم) أي غبنوا حظوظها من جزيل ثواب الله وكرامته، والباء في (بما كانوا) سببية (بآياتنا يظلمون) أي يكذبون ويجحدونها. وهذا الوزن للمسلمين عند الأكثر، وأما الكفار فتحبط أعمالهم على أحد الوجهين في تفسير قوله تعالى (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً) وقيل إنها توزن أيضاً وإن لم تكن راجحة ليخفف بها لهم العذاب عنهم، وهو ظاهر النظم، وبقي من تساوت حسناته وسيآته مسكوتاً عنه وهم أهل الاعراف على قول، وقد يدرج في القسم الأول لقوله (خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم) وعسى من الله تحقيق كما صرحوا به. وللحافظ تأليف مستقل في الميزان قال فيه: إنهم اختلفوا في تعدد الميزان وعدمه والصحيح الثاني والوزن بعد الحساب وأعمال الكفرة يخفف بها عذابهم كما ورد في حق أبي طالب، وهو الصحيح كما قاله القرطبي، وقال السخاوي المعتمد أنه مخصوص بأبي طالب والمعتمد ما قاله القرطبي فلا وجه للتردد فيه. أخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل منها مد البصر، فيقول أتنكر من هذا شيئاً أظلمك كتبتي الحافظون، فيقول لا يا رب فيقول أفَلَكَ عذر أو حسنة فيهاب الرجل فيقول لا يا رب، فيقول بلى إن لك عندنا حسنة وأنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات، فيقال إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة " [[المستدرك كتاب الدعاء 1/ 529.]]. وقد صححه أيضاً الترمذي وإسناده عند أحمد (حسن). ولنعم ما قيل: مهما تفكرت في ذنوبي ... خفت على قلبي احتراقه لكنه ينطفي لهيبي ... بذكر ما جاء في البطاقة والسجل الكتاب، وقيل: إنه معرب وأصل معناه الكاتب وسجل عليه بكذا شهره ورسمه، قاله الزمخشري في شرح مقاماته. وفي مسلم: نظرت إلى مد بصري مكان مد البصر قال النووي كذا هو في جميع النسخ وهو صحيح ومعناه منتهى بصري، وأنكره بعض أهل اللغة وقال الصواب مدى بصري وليس بمنكر بل هما لغتان والمدى أشهر انتهى. وقوله بطاقة بكسر الباء رقعة صغيرة وتطلق على حمام تعلق في جناحه، وليس مولدة كما قيل فإنها وردت في هذا الحديث وغيره، وفي فقه اللغة إنها معربة من الرومية، وفي المحكم الرقعة الصغيرة تكون في الثوب وفيها رقم ثمنه، حكاه شمر، وقال لأنها بطاقة من الثوب قيل وهو خطأ لأنه يقتضي أن الباء حرف جر، والصحيح ما تقدم كما حكاه الهروي. ويؤيده ما أخرجه البخاري مرفوعاً " كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان هما كلمتا الشهادة " قال الخفاجي ولك أن تقول المراد بها كلمة التوحيد فتأمل. والكفة بفتح فتشديد كل مستدير، وبه سميت كفة الميزان المعروفة. وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ليأتي العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة " [[مسلم 2785 - البخاري 2023.]]. وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب