الباحث القرآني

(وقالت اليهود عزير ابن الله) كلام مبتدأ لبيان شرك أهل الكتابين، وظاهر الآية أن هذه المقالة لجميعهم، وقيل هو لفظ خرج على العموم ومعناه الخصوص، لأنه لم يقل ذلك إلا البعض منهم أو من متقدميهم أو ممن كانوا بالمدينة، وقال النقاش: لم يبق يهودي يقولها بل قد انقرضوا، وقيل أنه قال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم جماعة منهم، فنزلت الآية متضمنة لحكاية ذلك عن اليهود لأن قول بعضهم لازم لجميعهم. وقوله: (عزير) بتنوين الصرف وتركه قراءتان سبعيتان فالأولى بناء على أنه عربي وليس فيه إلا علة والثانية بناء على أنه أعجمي ففيه العلتان، وعلى كل هو مبتدأ وابن الله خبر، فلذلك ثبتت الألف في ابن لأنها لا تحذف منه إلا إن كان صفة (وقالت النصارى المسيح ابن الله) قالوا: هذا لما رأوا من إحيائه للموتى مع كونه من غير أب فكان ذلك سبباً لهذه المقالة، والأولى أن يقال أنهم قالوا هذه المقالة لكون وصفه في الإنجيل تارة بابن الله وتارة بابن الإنسان كما رأينا ذلك في مواضع متعددة من الإنجيل، ولم يفهموا أن ذلك لقصد التشريف والتكريم أو لم يظهر لهم أن ذلك من تحريف سلفهم لغرض من الأغراض الفاسدة. قال الرازي: والأقرب عندي أن يقال لعله ذكر لفظ الابن في الإنجيل على سبيل التشريف كما ورد لفظ الخليل في حق إبراهيم على سبيل التشريف، فبالغوا وفسروا لفظ الإبن بالبنوة الحقيقية، والجهال قبلوا ذلك منهم، وفشا هذا المذهب الفاسد في أتباع عيسى عليه السلام. (ذلك قولهم) الإشارة إلى ما صدر عنهم من هذه المقالة الباطلة، ووجه قوله (بأفواههم) مع العلم بأن القول لا يكون إلا بالفم، بأن هذا القول لما كان ساذجاً ليس فيه بيان ولا عضده برهان كان مجرد دعوى لا معنى تحتها فارغة صادرة عنهم صدور المهملات التي ليس فيها إلا كونها خارجة من الأفواه غير مفيدة لفائدة يعتد بها. وقيل لأن إثبات الولد له مع أنه منزه عن الحاجة والشهوة والمضاجعة والمباضعة قول باطل ليس له تأثير في العقل، وقيل أن ذكر الأفواه لقصد التأكيد كما في (كتبت بيدي) ومشيت برجلي، ومنه قوله تعالى: (يكتبون الكتاب بأيديهم) وقوله: (ولا طائر يطير بجناحيه). وقال بعض أهل العلم: إن الله سبحانه لم يذكر قولاً مقروناً بذكر الأفواه والألسن إلا وكان قولاً زوراً كقوله: (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم) وقوله: (كبرت كلمة تخرج من أفواههم) وقوله: (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم). (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل) المضاهاة المشابهة قيل ومنه قول العرب امرأة ضهيأ وهي التي لا تحيض لأنها شابهت الرجال، قال أبو علي الفارسي: هذا خطأ لأن الهمزة في ضاهأ أصلية وفي ضهيأ زائدة كحمراء وأصله يضاهئون، وقيل فيه لغتان ضاهأت وضاهيت، والأولى لغة ثقيف، قال الحسن: يوافقون، وقال مجاهد: يواطئون. ومعنى مضاهاتهم لقولهم فيه أقوال لأهل العلم. الأول: أنهم شابهوا بهذه المقالة عبدة الأوثان في قولهم اللات والعزى ومناة بنات الله. الثاني: شابهوا قول من يقول من الكافرين أن الملائكة بنات الله. الثالث: أنهم شابهوا أسلافهم القائلين بأن عزيراً ابن الله والمسيح ابن الله. (قاتلهم الله) دعاء عليهم بالهلاك لأن من قاتله الله هلك، وقيل هو تعجب من شناعة قولهم وقيل معناه لعنهم الله، وحكى النقاش أن أصل قاتل الله الدعاء ثم كثر في استعمالهم حتى قالوه على التعجب في الخير والشر وهم لا يريدون الدعاء. (أنى يؤفكون) أي كيف يصرفون عن الحق إلى الباطل بعد وضوح الدليل وإقامة الحجة بأن الله واحد أحد، فجعلوا له ولداً تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب