الباحث القرآني

(الذي كذب وتولى) أي كذب بالحق الذي جاءت به الرسل وأعرض عن الطاعة والإيمان، قال الفراء إلا الأشقى إلا من كان شقياً في علم الله جل ثناؤه، وقال أيضاًً لم يكن كذب برد ظاهر، ولكنه قصر عما أمر به من الطاعة فجعل تكذيباً كما تقول لقي فلان العدو فكذب، إذا نكل ورجع عن إتباعه. قال الزجاج: هذه الآية هي التي من أجلها قال أهل الإرجاء بالإرجاء فزعموا أنه لا يدخل النار إلا كافر. ولأهل النار منازل فمنها أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، والله سبحانه كلما وعد عليه بجنس من العذاب فجدير أن يعذب به، وقد قال الله (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فلو كان من لم يشرك لم يعذب لم يكن في قوله (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فائدة. وقال في الكشاف الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين فأريد أن يبالغ في صفتهما المتناقضتين فقيل الأشقى وجعل مختصاً بالصلي كأن النار لم تخلق إلا له، وقيل الأتقى وجعل مختصاً بالنجاة كأن الجنة لم تخلق إلا له. وقيل المراد بالأشقى أبو جهل أو أمية بن خلف، وبالأتقى أبو بكر الصديق. قال المحلي وهذا الحصر مؤول لقوله تعالى (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فيكون المراد الصلي المؤبد انتهى أي مصروف عن ظاهره فلا يرد الفاسق لأنه إما أن لا يدخلها إن عفي عنه أو يدخلها ويخلص منها، فالمعنى لا يدخلها دخولاً مؤبداً إلا الكافر الذي هو شقي لأنه كذب النبي. والأولى أن يقال مؤول بحمل الصلي على التأبيد والخلود. وعن أبي هريرة قال " لتدخلن الجنة إلا من يأبى قالوا ومن يأبى أن يدخل الجنة فقرأ (الذي كذب وتولى) " أخرجه ابن جرير. وعن أبي أمامة " لا يبقى أحد من هذه الأمة إلا أدخله الجنة إلا من شرد على الله كما يشرد البعير السوء على أهله فمن لم يصدقني فإن الله يقول (لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى) كذب بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتولى عنه ". أخرجه سعيد بن منصور وغيره. وعنه أنه سئل عن ألين كلمة سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ألا كلكم يدخل الله الجنة إلا من شرد على الله شراد البعير على أهله " أخرجه أحمد والحاكم والضياء. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل النار إلا الأشقى، قيل ومن الشقي قال: الذي لا يعمل لله بطاعة ولا يترك لله معصية " أخرجه أحمد وابن ماجه وابن مردويه. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل أمتي يدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى قالوا ومن يأبى يا رسول الله قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " أخرجه أحمد والبخاري.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب