﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾ قال أبو عبيدة: تركوا ما أمروا به، ولم يُسلِموا [[نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/٣٣٦ "مجازه مجاز المثل، وموضعه موضع: كفوا عما أمروا بقوله من الحق، ولم يؤمنوا به ولم يسلموا، ويقال: رد يده في فمه، أي أمسك إذا لم يجب" وقد ذكره الطبري ١٣/١٢٧ ورده، ونقله القرطبي كما نقل نقد ابن قتيبة ٩/٣٤٥-٣٤٦.]] .
ولا أعلم أحدًا قال: ردَّ يدَه في فيه؛ إذا أمسك عن الشيء! والمعنى: رَدُّوا أيديهم في أفواههم، أي عضُّوا عليها حنقًا وغيظا. كما قال الشاعر:
يَرُدُّونَ فِي فِيهِ عَشْر الحَسُودِ [[هكذا ذكره ابن قتيبة غير منسوب في المعاني الكبير ٨٣٤ وشرحه بقوله: "يعني أصابع يديه العشر يعضها غيظا عليهم وحنقا" والذي في تفسير القرطبي ٩/٣٤٦:
تردون في فيه غش الحسو ... د حتى يعض على الأكفا
يعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه وكفيه".]]
يعني: أنهم يَغيظُون الحسودَ حتى يعض على أصابعه العشر، ونحوه قول الهُذَلي: قَدَ افْنَى أَنَامِلَهُ أَزْمُهُ ... فَأَضْحَى يَعَضُّ عَلَيَّ الوَظِيفَا [[البيت لصخر الغي، كما في ديوان الهذليين ٢/٧٣ والمعاني الكبير لابن قتيبة ٨٣٤ والأزم: العض الشديد.]]
يقول: قد أكل أصابعه حتى أفناها بالعض، فأضحى يعضُّ عليَّ وظِيفَ الذراع، وهكذا فسر هذا الحرفَ ابنُ مسعود [[الدر المنثور ٤/٧٢ وقد رواه الطبري في تفسيره ١٣/١٢٦ ثم قال ١٢٧ "وأشبه هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل هذه الآية: القول الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود، أنهم ردوا أيديهم في أفواههم فعضوا عليها غيظا على الرسل، كما وصف الله عز وجل به إخوانهم من المنافقين فقال: (وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ) فهذا هو الكلام المعروف والمعنى المفهوم من رد اليد إلى الفم".]] واعتبارُه قولُه عز وجل في موضع آخر: ﴿وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾
{"ayah":"أَلَمۡ یَأۡتِكُمۡ نَبَؤُا۟ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ قَوۡمِ نُوحࣲ وَعَادࣲ وَثَمُودَ وَٱلَّذِینَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا یَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤا۟ أَیۡدِیَهُمۡ فِیۤ أَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَقَالُوۤا۟ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَاۤ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِی شَكࣲّ مِّمَّا تَدۡعُونَنَاۤ إِلَیۡهِ مُرِیبࣲ"}