الباحث القرآني

يُنْكِرُ تَعَالَى عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ، ظَانِّينَ أَنَّ تِلْكَ الْآلِهَةَ تَنْفَعُهُمْ شفاعتُها عِنْدَ اللَّهِ، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ وَلَا تَمْلِكُ شَيْئًا، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ مِمَّا يَزْعُمُونَ فِيهَا، وَلَا يَكُونُ هَذَا أَبَدًا؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ﴾ . وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: مَعْنَاهُ أَتُخَبِّرُونَ [[في ت: "تخبرون".]] اللَّهَ بِمَا لَا يَكُونُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ؟ ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، فَقَالَ: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ . ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَذَا الشِّرْكَ حَادِثٌ فِي النَّاسِ، كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ كَانُوا عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ، كُلُّهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ النَّاسِ، وعُبدت الْأَصْنَامُ وَالْأَنْدَادُ وَالْأَوْثَانُ، فَبَعَثَ اللَّهُ الرُّسُلَ بِآيَاتِهِ وَبَيِّنَاتِهِ وحُجَجه الْبَالِغَةِ وَبَرَاهِينِهِ الدَّامِغَةِ، ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الْأَنْفَالِ: ٤٢] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ أَيْ: لَوْلَا مَا تَقَدَّمَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ؛ وَأَنَّهُ قَدْ أَجَّلَ الْخَلْقَ إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ لَقَضَى بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ اخْتَلَفُوا، فَأَسْعَدَ الْمُؤْمِنِينَ، وأعنَتَ الْكَافِرِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب