الباحث القرآني

تَفْسِيرُ سُورَةِ وَيْلٌ لِكُلِّ هَمْزَةٍ لُمَزَةٍ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * * * الْهَمَّازُ: بِالْقَوْلِ، وَاللَّمَّازُ: بِالْفِعْلِ. يَعْنِي: يَزْدَرِي بِالنَّاسِ [[في م: "على الناس".]] وَيَنْتَقِصُ بِهِمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ [الْقَلَمِ: ١١] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ طَعَّانٍ مِعْيَابٍ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: الهُمَزة، يَهْمِزُهُ فِي وَجْهٍ، وَاللُّمَزَةُ [[في م: "ولمزه".]] مِنْ خَلْفِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: يَهْمِزُهُ وَيَلْمِزُهُ بِلِسَانِهِ وَعَيْنِهِ، وَيَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ، ويطعنُ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْهُمَزَةُ: بِالْيَدِ وَالْعَيْنِ، واللمزةُ: بِاللِّسَانِ. وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ زَيْدٍ. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هُمَزة لُحُومُ النَّاسِ. ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ. وَقِيلَ غَيْرُهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ عَامَّةٌ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ﴾ أَيْ: جَمَعَهُ [[في م: "أي جمع".]] بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَأَحْصَى عَدَدَهُ كَقَوْلِهِ: ﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى﴾ [الْمَعَارِجِ: ١٨] قَالَهُ السُّدِّيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ﴾ أَلْهَاهُ مَالُهُ بِالنَّهَارِ، هَذَا إِلَى [[في م: "في".]] هَذَا، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ، نَامَ كَأَنَّهُ جِيفَةً. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ أَيْ: يَظُنُّ أَنَّ جَمْعَهُ الْمَالَ يُخْلِدُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ؟ ﴿كَلا﴾ أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ وَلَا كَمَا حَسِبَ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾ أَيْ: لَيُلْقَيَنَّ هَذَا الَّذِي جَمَعَ مَالًا فَعَدَّدَهُ [[في م: "فعده".]] فِي الْحُطْمَةِ وَهِيَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ صِفَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُحَطِّمُ مَنْ فِيهَا. وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ﴾ قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: تَحْرِقُهُمْ إِلَى الْأَفْئِدَةِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، ثُمَّ يَقُولُ: لَقَدْ بَلَغَ مِنْهُمُ الْعَذَابُ، ثُمَّ يَبْكِي. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: تَأْكُلُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ فُؤَادَهُ حَذْوَ حَلْقِهِ تَرْجِعُ عَلَى جَسَدِهِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾ أَيْ: مُطْبَقَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي سُورَةِ الْبَلَدِ. وَقَالَ ابْنُ مَرْدُويه: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سِرَاجٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ خَرزَاذ، حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ أَشْرَسَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾ قَالَ: "مُطْبَقَةٌ". وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ [[في أ: "إسماعيل بن أبي خالد".]] عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَوْلَهُ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ. ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ قَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: عَمَدٍ مِنْ حَدِيدٍ. وَقَالَ السُّدِّي: مِنْ نَارٍ. وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ يَعْنِي: الْأَبْوَابُ هِيَ الْمَمْدُوةُ [[في أ: "هي الممددة".]] . وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ بِعَمَدٍ مُمَدَّةٍ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَدْخَلَهُمْ فِي عَمَدٍ فَمُدَّتْ عَلَيْهِمْ بِعِمَادٍ، وَفِي أَعْنَاقِهِمُ السَّلَاسِلُ فَسَدَّتْ بِهَا الْأَبْوَابَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ بِعَمَدٍ فِي النَّارِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ يَعْنِي الْقُيُودَ الطِّوَالَ. آخِرُ تَفْسِيرِ سورة "ويل لكل همزة لمزة"
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب