الباحث القرآني

وَاعْتِبَارًا عَلَى صِدْقِ موعُودنا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ﴾ [غَافِرٍ:٥١] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾ [إِبْرَاهِيمَ:١٣، ١٤] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ﴾ [[قبلها في ت، أ: "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة".]] أَيْ: أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ، فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، كَمَا قَالَ: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ [الْكَهْفِ:٤٧] . ﴿وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ أَيْ: يَوْمٌ عَظِيمٌ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ، وَيَجْتَمِعُ فِيهِ الرُّسُلُ جَمِيعُهُمْ، وَتُحْشَرُ فِيهِ الْخَلَائِقُ بِأَسْرِهِمْ، مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالطَّيْرِ وَالْوُحُوشِ وَالدَّوَابِّ، وَيَحْكُمُ فِيهِمُ [[في أ: "فيه".]] الْعَادِلُ الَّذِي لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأجَلٍ مَعْدُودٍ﴾ أَيْ: مَا نُؤَخِّرُ إِقَامَةَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا لِأَنَّهُ [[في ت، أ: "إلا أنه".]] قَدْ سَبَقَتْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَقَضَاؤُهُ وَقَدَرُهُ، فِي وُجُودِ أُنَاسٍ مَعْدُودِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ، وَضَرَبَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً إِذَا انْقَضَتْ وَتَكَامَلَ وُجُودُ أُولَئِكَ الْمُقَدَّرِ خُرُوجُهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ، أَقَامَ اللَّهُ السَّاعَةَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأجَلٍ مَعْدُودٍ﴾ أَيْ: لِمُدَّةٍ مُؤَقَّتَةٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَلَا يُنْتَقَصُ مِنْهَا، ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ [[في ت: "يأتي" وفي أ. "يأتيهم".]] يَقُولُ: يَوْمَ يَأْتِي هَذَا الْيَوْمُ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ [يَوْمَئِذٍ] [[زيادة من ت.]] إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النَّبَأِ:٣٨] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا﴾ [طَهَ:١٠٨] ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الطَّوِيلِ: "وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللهُم سَلّم سَلِّمْ [[في ت: "اللهم سلم اللهم سلم".]] [[صحيح البخاري برقم (٨٠٦) وصحيح مسلم برقم (١٨٢) .]] . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ أَيْ: فَمِنْ أَهْلِ الْجَمْعِ شَقِيَ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ، كَمَا قَالَ: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشُّورَى:٧] . وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى فِي مَسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ [[في ت، أ: "أبو".]] سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ [[في أ: "عمر بن الخطاب".]] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ، قُلْتُ: [[في ت: "فقلت".]] يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَامَ نَعْمَلُ [[في ت: "على ما يعمل".]] ؟ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرغ مِنْهُ، أَمْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يُفْرَغْ مِنْهُ؟ فَقَالَ: "عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ يا عمر وجرت به الأقلام، وَلَكِنْ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" [[ورواه الترمذي في السنن برقم (٣١١١) عن بندار، عن أبي عامر العقدي - عبد الملك بن عمرو به - وقال التِّرْمِذِيُّ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لا نعرفه إلا من حديث عبد الملك بن عمرو".]] . ثُمَّ بَيَّنَ [[في أ: "وبين".]] تَعَالَى حَالَ الْأَشْقِيَاءِ وَحَالَ السُّعَدَاءِ، فَقَالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب