الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نَبِيِّهِ لُوطٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ لُوطًا تَوَعَّدَهُمْ بِقَوْلِهِ [[في ت، أ: "عليه السلام إنه توعدهم بهذا الكلام وهو قوله".]] : ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً [أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ] ﴾ [[زيادة من ت، أ، وفي هـ: "الآية".]] أَيْ: لَكُنْتُ نَكَّلْتُ بِكُمْ وَفَعَلْتُ بِكُمُ الْأَفَاعِيلَ [مِنَ الْعَذَابِ وَالنِّقْمَةِ وَإِحْلَالِ الْبَأْسِ بِكُمْ] [[زيادة من ت، أ.]] بِنَفْسِي وَعَشِيرَتِي، وَلِهَذَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ -يَعْنِي: اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ -فَمَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ" [[رواه الترمذي في السنن برقم (٣١١٦) من طريق الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو به، ورواه عن طريق عَبْدَةَ وَعَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ونحو حديث الفضل بن موسى، وقال الترمذي: "وهذا - أي الطريق الثاني - أصح من رواية الفضل بن موسى وهذا حديث حسن".]] . [وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي يُونُسَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِهِ وَأَرْسَلَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ] [[زيادة من ت، أ.]] . فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخْبَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ أَنَّهُمْ [[في ت: "بأنهم".]] رُسل اللَّهِ إِلَيْهِ، و [وَبَشَّرُوهُ] [[زيادة من ت، أ.]] أَنَّهُمْ لَا وُصُولَ لهم إليه [ولا خلوص] [[زيادة من ت، أ.]] ﴿قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾ وَأَمَرُوهُ أَنْ يَسْرِيَ بِأَهْلِهِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَأَنْ يتَّبع أَدْبَارَهُمْ، أَيْ: يَكُونُ سَاقَةً لِأَهْلِهِ، ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ أَيْ: إِذَا سَمِعْتَ [[في ت، أ: "إذا سمعتم".]] مَا نَزلَ بِهِمْ، وَلَا تهولنَّكم [[في ت: "+ولاتهيلنكم".]] تِلْكَ الْأَصْوَاتُ الْمُزْعِجَةُ، وَلَكِنِ اسْتَمِرُّوا ذَاهِبِينَ [كَمَا أَنْتُمْ] [[زيادة من ت، أ.]] . ﴿إِلا امْرَأَتَكَ﴾ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْمُثْبَتِ [[في ت: "من المبيت".]] وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ﴾ تَقْدِيرُهُ ﴿إِلا امْرَأَتَكَ﴾ وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَنَصَبَ هؤلاء امرأتك؛ لأنه من مثبت [[في ت: "من مبيت".]] ، فَوَجَبَ نَصْبُهُ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالنُّحَاةِ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتَكَ﴾ فجَّوزوا الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ، وَذَكَرَ هَؤُلَاءِ [وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ] [[زيادة من ت، أ.]] أَنَّهَا خَرَجَتْ مَعَهُمْ، وَأَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتِ الوَجْبَة الْتَفَتَتْ وَقَالَتْ [[في ت: "فقالت".]] وَاقَوْمَاهْ. فَجَاءَهَا حَجَرٌ مِنَ السَّمَاءِ فَقَتَلَهَا [[في ت: "فقتلتها".]] . ثُمَّ قَرَّبُوا لَهُ هَلَاكَ قَوْمِهِ تَبْشِيرًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: "أَهْلِكُوهُمُ السَّاعَةَ"، فَقَالُوا: ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ هَذَا وقومُ لُوطِ وقُوف عَلَى الْبَابِ وعُكوف قَدْ جَاءُوا يُهرعون إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَلُوطٌ وَاقِفٌ عَلَى [[في ت، أ: "في".]] الْبَابِ يُدَافِعُهُمْ وَيَرْدَعُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ، وَهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ، بَلْ يَتَوَعَّدُونَهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَضَرَبَ وُجُوهَهُمْ بِجَنَاحِهِ، فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ، فَرَجَعُوا وَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ الطَّرِيقَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ [وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ] ﴾ [الْقَمَرِ:٣٧ -٣٩] [[زيادة من ت، أ، وفي هـ: "الآية".]] . وَقَالَ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَأْتِي [[في ت، أ: "يأتيهم يعني".]] قَوْمَ لُوطٍ، فَيَقُولُ: أنَهاكم [[في ت، أ: "أنهاكم الله عنه".]] اللَّهُ أَنْ تَعَرّضوا لِعُقُوبَتِهِ؟ فَلَمْ يُطِيعُوهُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجْلَهُ [لِمَحَلِ عَذَابِهِمْ وَسَطَوَاتِ الرَّبِّ بِهِمْ قَالَ] [[زيادة من ت، أ، والطبري.]] انْتَهَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى لُوطٍ وَهُوَ يَعْمَلُ فِي أَرْضٍ لَهُ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الضِّيَافَةِ فَقَالُوا: إِنَّا ضُيُوفُكَ [[في ت: "مضيفوك".]] اللَّيْلَةَ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَهِدَ إِلَى جِبْرِيلَ أَلَّا يُعذبهم حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ لُوطٌ ثَلَاثَ شَهادات فَلَمَّا تَوَجَّهَ بِهِمْ لُوطٌ إِلَى الضِّيَافَةِ، ذَكَرَ مَا يَعْمَلُ قَوْمُهُ مِنَ الشَّرِّ [وَالدَّوَاهِي الْعِظَامِ] [[زيادة، ت، أ.]] ، فَمَشَى مَعَهُمْ سَاعَةً، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَلُ أَهْلُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟ مَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَرًّا مِنْهُمْ. أَيْنَ أَذْهَبُ بِكُمْ؟ إِلَى قَوْمِي وَهُمْ [مِنْ] [[زيادة من ت، أ.]] أَشَرِّ خَلْقِ اللَّهِ، فَالْتَفَتَ جِبْرِيلُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ: احْفَظُوهَا [[في ت، أ: "احفظوا".]] هَذِهِ وَاحِدَةٌ. ثُمَّ مَشَى مَعَهُمْ سَاعَةً، فَلَمَّا تَوَسَّطَ الْقَرْيَةَ وَأَشْفَقَ عَلَيْهِمْ وَاسْتَحْيَا مِنْهُمْ قَالَ: أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَلُ أَهْلُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟ مَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَشَرَّ مِنْهُمْ، إِنَّ قَوْمِي أَشَرُّ خَلْقِ اللَّهِ. فَالْتَفَتَ جِبْرِيلُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ: احْفَظُوا، هَاتَانِ اثْنَتَانِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَابِ الدَّارِ بَكَى حَيَاءً مِنْهُمْ وَشَفَقَةً عَلَيْهِمْ فَقَالَ [[في ت: "وقال".]] إِنَّ قَوْمِي أَشْرُّ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ؟ أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَلُ أَهْلُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟ مَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَهْلَ قَرْيَةٍ شَرًّا [[في ت، أ: "أشر".]] مِنْهُمْ. فَقَالَ جِبْرِيلُ لِلْمَلَائِكَةِ: احْفَظُوا، هَذِهِ ثَلَاثٌ، قَدْ حَقَّ الْعَذَابُ. فَلَمَّا دَخَلُوا ذَهَبَتْ عَجُوزُ السُّوءِ فَصَعِدَتْ فَلَوَّحَتْ بِثَوْبِهَا، فَأَتَاهَا الْفُسَّاقُ يُهرَعون سِرَاعًا، قَالُوا: مَا عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: ضَيَّف لوطًا قوم [[في ت، أ: "الليلة\".]] مَا رَأَيْتُ قَطُّ أَحْسَنَ وُجُوهًا مِنْهُمْ، وَلَا أَطْيَبَ رِيحًا مِنْهُمْ. فهُرعوا يُسَارِعُونَ إِلَى الْبَابِ، فَعَالَجَهُمْ لُوطٌ عَلَى الْبَابِ، فَدَافِعُوهُ طَوِيلًا هُوَ دَاخِلُ وَهُمْ خَارِجَ، يُنَاشِدُهُمُ اللَّهَ وَيَقُولُ: ﴿هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ فقام الْمَلَكُ فَلَزّ [[في أ: "فكن".]] بِالْبَابِ -يَقُولُ فَسَدَّهُ [[في ت: "فشده"، وفي أ: "نسده".]] -وَاسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ فِي عُقُوبَتِهِمْ، فَأَذِنَ اللَّهُ لَهُ، فَقَامَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فِي السَّمَاءِ، فَنَشَرَ جَنَاحَهُ. وَلِجِبْرِيلَ جَنَاحَانِ، وَعَلَيْهِ وِشَاحٌ مِنْ دُرٍّ مَنْظُومٍ، وَهُوَ بَرَّاقُ الثَّنَايَا، أَجْلَى الْجَبِينِ، وَرَأْسُهُ حُبُكٌ حُبُك مِثْلَ الْمَرْجَانِ وَهُوَ اللُّؤْلُؤُ، كَأَنَّهُ الثَّلْجُ، وَرِجْلَاهُ إِلَى الْخُضْرَةِ. فَقَالَ يَا لُوطُ: ﴿إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾ امْضِ يَا لُوطُ عَنِ الْبَابِ وَدَعْنِي وَإِيَّاهُمْ، فَتَنَحَّى لُوطٌ عَنِ الْبَابِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَنَشَرَ جَنَاحَهُ، فَضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ ضَرْبَةً شَدَخَ أَعْيُنَهُمْ، فَصَارُوا عُمْيًا لَا يَعْرِفُونَ الطَّرِيقَ [وَلَا يَهْتَدُونَ بُيُوتَهُمْ] [[زيادة من ت، أ، والطبري.]] ثُمَّ أُمِرَ لُوطٌ فَاحْتَمَلَ بِأَهْلِهِ فِي لَيْلَتِهِ قَالَ: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ [[رواه الطبري في تفسيره (١٥/٤٢٩) .]] . وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ [الْقُرَظِيِّ] [[زيادة من ت، أ.]] وَقَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ نحو هذا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب